“المضمار” أول المساجد العمانية

بناه الصحابي مازن بن غضوبة في “سمائل”
13:34 مساء
قراءة 4 دقائق

وجدت المساجد منذ انطلاق الدين الإسلامي في مختلف المناطق العربية أو تلك المناطق التي دخلها الإسلام ورسالته السماوية. وتنوعت هذه المساجد التي انتشرت في المناطق والبقاع كافة. وسمي معظمها إما بأسماء من بناها أو بأسماء الصحابة والطاهرين وبعض الأولياء الصالحين، ولذا فليس من غريب بشيء وجود اسم واحد للعديد من المساجد قي مدينة واحدة أو مسجد بالاسم نفسه في كل مدينة في بلد من البلدان.

وغالباً ما يكون المسجد الأقدم والأكبر هما الأكثر شهرة من بقية المساجد وإن كانت جميعها تؤدي الغرض والدور نفسه، وقد ترتبط بعض المساجد باسم الشخص الذي بناها من ماله.

أول مسجد في عمان هو مسجد المضمار الواقع في مدينة سمائل إحدى مدن المنطقة الداخلية من سلطنة عمان، وبنى هذا المسجد الصحابي الجليل مازن بن غضوبة، الذي كان أول من أسلم، وأول من حمل شعلة الإسلام إلى عمان بعد أن زار النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ثم عاد حاملا مشعل الدين الحنيف الذي دخل البلاد عن طريقه وأنار قلوب الناس جميعا.

هذا المسجد كما تقول المراجع التاريخية بني في العام الهجري السادس بعد عودة مازن من المدينة المنورة ومقابلته للنبي صلى الله عليه وسلم، ويؤكد تاريخ البناء العلامة بدر الدين أبو عبدالله بن محمد الشبلي الدمشقي المتوفى عام 769 هجرية، وقد رمم هذا المسجد في عام 1979 بالتصميم المعماري والهندسي نفسه الذي كان المسجد عليه قبل الترميم.

وصف المسجد

المسجد حالياً هو عبارة عن بناء حديث جدرانه الخارجية عبارة عن قطع من حجارة السقوف العمانية التي تشتهر بها المنطقة الداخلية وبالتحديد منطقة بركة الموز. وهذه الحجارة البنية حملت إليه من تلك المناطق. وتتواجد هذه الحجارة على الجدران كافة. وهو مكون من بناءين أو قسمين الأول يضم أماكن الوضوء والخدمات الملحقة بها، والقسم الثاني مكون من المصلى، وله بابان أحدهما لمدخل الوضوء المتصل بالمصلى والثاني باب المصلى نفسه أبوابه مصنوعة من أخشاب مقواة وفق طريقة الصنع العمانية.

مئذنة الجامع صغيرة جدا قياسا بالمآذن الأخرى، وتوجد حول المصلى 12 نافذة طولية تضيء المسجد بشكل كبير وان كان يوجد داخله بعض الثريات. والمصلى يتسع لحوالي 300 مصل وسجادة المصلى ذات لون فيروزي مائل للزرقة وهي عبارة عن سجادة صلاة صغيرة مخصصة لشخص واحد.

ويغلب اللون الأبيض على سقف المسجد وجدرانه حتى الحدود السفلى للنوافذ لنجد فيها وحتى الأرضية زخرفات بواسطة قطع البورسلين والخزف ذات نقوش عربية وإسلامية جميلة، وأقواس داخلية.

وحين أعيد ترميمه، أخذت بعين الاعتبار المحافظة على شكله الأساسي، وتقوية جدرانه وسقفه، وتم إدخال بعض المعدات اللازمة من مكبرات صوت وغيرها. وكغيره من المساجد القديمة التي كانت تقوم وفي داخلها مصدر للماء من فلج أو بئر، فإن في المسجد بئر ماء تمده بما يحتاجه المصلون. حيث وضعت الخزانات على سطح قسم الوضوء ومحرك كهربائي، لاستخراج الماء من هذه البئر.

روعة هذا المسجد في بساطته وطريقة بنائه، حيث تعطي حجارة السقوف الكثير من الهيبة لهذا المسجد التاريخي الذي أخذ بعين الاعتبار عند بنائه التصاميم الأساسية للمساجد العمانية التي ترتفع عن سطح الأرض بعدة خطوات، حيث بني على مكان يرتفع أيضا عن مستوى الطرقات والحقول، ومئذنة المسجد عبارة عن كتلة اسطوانية مبنية من الحجر المسقوف ترتفع قليلا عن سطح المسجد ووضع بجانبها مكبر للصوت من أجل رفع الأذان وإيصاله إلى سمع الناس، ولا يحوي المحراب أية نقوش أو زخرفات كثيرة حيث تسيطر عليه البساطة الهادئة ويغلب عليه اللون الأصفر الذهبي، وهو عامر بالصلوات والندوات والدروس الدينية وهو مكيف تكييفا مركزيا.

مسجد المضمار يجسد بشكل عام السمات العامة للمساجد في المنطقة الداخلية ذات الردهة المربعة أو المستطيلة للصلاة، التي يسبقها فناء، وليس به منارة وليس به أي نوع من الزخارف الخارجية المميزة والكثيفة وبه بعض الزخارف على جوانب جدران المصلى.

قصة إسلام مازن

أما قصة اسلام مازن بن غضوبة فمعروفة، وملخصها أنه كان يعبد صنما اسمه ناجر، فذبح يوما شاة وقربها إليه فسمع صوتا من الصنم يقول:

يا مازن اسمع تسر

ظهر خير وبطن شر

بعث نبي من مضر

بدين الله الأكبر

فدع نحيتا من حجر

تسلم من حر سقر

ففزع من ذلك ثم ذبح قربانا آخر وقدمه إليه فسمع من الصنم صوتا يقول:

يا مازن أقبل

تسمع ما لا تجهل

هذا نبي مرسل

جاء بحق منزل

آمن به تعدل

عن حر نار تشعل وقودها الناس والجندل

ثم ورد رجل من الحجاز وأخبره أنه ظهر رجل يقال له محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف يقول لمن جاءه: أجيبوا داعي الدعاة فلست بمتكبر ولا جبار ولا مختال. أدعوكم الى الله وترك عبادة الأوثان، وأبشركم بجنة عرضها السموات والأرض، وأستنقذكم من نار لا يطفأ لهيبها ولا ينعم من سكنها.

فقام مازن وحطم الصنم وركب راحلته قاصداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قدم عليه سأله عما بعث إليه فشرح له الرسول الإسلام فأسلم ونور الله قلبه، ثم قال للرسول عليه الصلاة والسلام: ادع الله لأهل عمان.فدعا الرسول لأهل عمان: اللهم اهدهم وثبتهم، اللهم ارزقهم العفاف والكفاف والرضا بما قدرت لهم، اللهم وسع في ميرتهم وأكثر خيرهم من بحرهم ولا تسلط عليهم عدوا من غيرهم، وكذلك دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لمازن بن غضوبة.

ومن شعر مازن بن غضوبة

إليك رسول الله خبت

تجوب الفيافي من عمان إلى العرج

لتشفع لي يا خير من وطئ الحصى

فيغفر لي ربي فأرجع بالفلج

والعرج موضع قرب المدينة المنورة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"