100 ألف ريال تكلفة إيجار صالات الأفراح في سلطنة عمان

العرس التقليدي يندثر
23:43 مساء
قراءة 5 دقائق
مسقط «الخليج»:

لم يعد حفل الخطبة أو الزفاف العُماني، يتم بالشكل التقليدي الذي كان سائداً منذ سنوات، وكان يقتصر الاحتفال فيه على دعوة بعض الأهل والأصدقاء والجيران وتقديم وجبة العشاء، وترديد بعض الأغاني الشعبية، على أنغام الموسيقى التقليدية في منزل العروسين، بل أصبح بعد غزو التقاليد العربية والأجنبية المجتمع العماني، وفي عصر الفضائيات والعولمة، يعقد في إحدى صالات الأفراح المخصصة لذلك، أو في أحد الفنادق الكبرى، على أنغام أشهر المطربين العرب أوالأجانب، وترتفع تكلفة الفرح حسب مستوى الفندق، وعدد الضيوف والخدمات المقدمة لهم، وتتراوح تلك التكلفة من 5 آلاف إلى 100 ألف ريال عُماني.
وشهدت السلطنة خلال العقود الأربعة الأخيرة، تحولات سريعة وكبرى في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأدت هذه التحولات إلى قفزة في الظروف المعيشية والتعليم والخدمات الاجتماعية، وحدثت تغيّرات عميقة وواضحة في الأسرة العمانية، ومن أشهر التحولات في المجتمع العماني في السنوات الأخيرة بفعل العولمة، وثورة الاتصالات، وتغير نمط الحياة، انتقال الاحتفال في الأفراح من منزل العروسين، كما كان يجري في الماضي، إلى عقد الفرح في إحدى الصالات المخصصة لذلك، ومن أشهر وسائل الدعاية لصالات الأفراح ما تنشره بعض المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي من حين إلى آخر، وقد جاء في أحد الإعلانات التالي: «أقيمي زفافك بأرقى قاعات الأفراح في سلطنة عمان، والتي يتم لفصلها لقاعتين للنساء والرجال، أو يمكنكم اختيار إحدى إطلالات الفنادق الجذابة على الشاطئ أو بركة السباحة لإقامة حفل زفاف خارجي مشوق.. تمتعي بأحسن الخيارات بين "أوتيلات" مسقط وصلالة وسيب، وباقي مناطق السلطنة، التي تقيم أجمل الأفراح ليكون حفلك مميزاً، ولا تنسي التعرف الى مواعيد الحجوزات والمميزات لكل من تلك القاعات كغرفة العروسة و المدخل المستقل للقاعة، وأيضا غرف لكبار الشخصيات، وأخيرا اطلبي الأسعار وإيجار قاعة الأفراح في التاريخ المرغوب، بالتواصل مباشرة مع الفندق».. وبخلاف الإعلان المذكور، يتراوح عدد ضيوف صالات الأفراح بالفنادق بين 250 - 1000 شخص، ويتراوح ثمن حجز الصالة فقط بين 3000 5000 آلاف ريال، حسب مستوى الفندق، وموقعه، والموسم، واليوم المخصص للفرح، بخلاف ثمن المأكولات والمشروبات والفرقة الموسيقية والزفة.
وبشكل عام تنقسم صالات الأفراح في السلطنة إلى ثلاثة أنواع، النوع الأول «الأغلى سعرا»، ويضم صالات الأفراح في الفنادق والمنتجعات السياحية الفاخرة، فئة خمس نجوم، وكلما زاد عدد الضيوف والطلبات المقدمة، ارتفع السعر أكثر، وتتعدد الخدمات في تلك الصالات، من استقبال العروسين على باب الفندق بالزفة والرقص الشعبي، وجلوس الضيوف في القاعات المخصصة للفرح، سواء واحدة أو أكثر، مرورا بالكوشة، وإحياء الفرقة الموسيقية الفرح، ثم العشاء وتوزيع الحلوى والزفة، أما النوع الثاني، فيقتصر على صالات الأفراح بالفنادق الأقل درجة، مثل ثلاث أو أربع نجوم أو بصالات الأفراح، التي يمتلكها البعض، أو يقوم بتأجيرها، وهذه أقل سعراً من النوع الأول، وأخيرا النوع الثالث، حيث يقتصر إحياء الفرح على منزل العروس، ويتم فيه تقديم وجبة العشاء للضيوف، على أنغام الموسيقى، وأغاني الأفراح الخاصة بالمناسبة السعيدة.

سيدة الأعمال خديجة الطوقي، صاحبة قصر الخليج للهدايا والأكسسوارات، تتولى تجهيز الأعراس، وهو من أصعب الأعمال على حد قولها، ومسألة شاقة جدا، تحتاج إلى إمكانات وتقنيات عالية، حتى ترضي ذوق أصحاب العرس، وفي هذا الإطار توضح خديجة: عادة أبدأ بوضع الفكرة والجلوس مع أصحاب العرس، وأقدم لهم الفكرة في قالب إبداعي، ويتم تطويرها حسب أمزجتهم وعادة يقتنعون بالأفكار التي أطرحها مباشرة، ويتم تفويضي بتنظيم وإدارة الحفل، ونستخدم تقنيات جديدة، ونوظف المقتنيات العمانية التراثية في العديد من الأفراح»، وحول تكلفة الأفراح تكشف خديجة أن تكلفة تنظيم حفل الأعراس باهظة، وتبدأ بخمسة آلاف ريال، وتصل إلى 30 ألفاً، وقد تتعدى أحياناً 100 ألف ريال، وذلك حسب إمكانات أصحاب الفرح.

وحول ارتفاع تكلفة الزواج حاليا، مما أدى إلى قلة الزواج والأعراس، تذكر خديجة أن الحياة بشكل عام أصبحت مرتفعة، وفي عمان، لا أعتقد أن تكلفة الزواج هي العائق أمام الشباب للزواج، فهو في عُمان مهيأ، وليس عائقاً إلا إذا استغل مشروع الزواج لتحديد المتطلبات بشكل تعجيزي، وبالنسبة لفكرة الزواج الجماعي في السلطنة، تعتقد خديجة أن الفكرة قائمة حسب علمي في عمان، وتقام أعراس جماعية في مناطق متعددة، وهي مهمة لتقليل التكاليف.

هدايا تراثية

تحرص بعض صالات الأفراح الفاخرة في السلطنة على الاحتفاء بالضيوف، بتقديم وجبة عشاء فاخرة لهم عبر البوفيه المفتوح، وتقديم حلوى فاخرة أو شيكولاتة مغلفة، داخل هدايا تراثية رمزية لهم، مدون فيها اسم العروسين وتاريخ الخطبة أو الزفاف، وحول تلك الهدايا تحدثنا سيدة الأعمال أسماء الخروصي، المتخصصة في بيع المنتجات التراثية العمانية: زبائني عديدون، وهم من السياح والوزارات والسفارات والهيئات الأجنبية والبنوك والشركات ومجلس الدولة، وبعض منظمي صالات الأفراح، حيث يتم تقديم بعض منتجات التراث العماني كهدايا داخلها قطعة حلوى، أو شيكولاتة، وأقل سعر لمنتجاتي الفنية خمسة ريالات فما فوق، باستثناء بعض الطلبيات الخاصة التي تلبي أذواق العروسين.

ثراء فاحش

محمود البدواني، يؤكد أن تنظيم الأفراح في السلطنة «بيزنس» كبير، أقحمه البعض، وحقق منه مكاسب خيالية، في حين لم يحقق البعض الآخر منه نجاحات تذكر، والمسألة تتعلق أولا وأخيرا بالإمكانيات المادية لصاحب المشروع، وعلاقاته الاجتماعية بالأثرياء وعلية القوم، الذين يدفعون في حفلات أفراح أولادهم ما لا يعد ولا يحصى، وأضاف: إحدى السيدات من جنسية عربية تعمل في إحدى الوظائف في النهار وفي تجهيز العرائس وتنظيم حفلات الخطبة والزفاف ليلاً، وقد حققت ثراء كبيراً لكثرة علاقاتها الاجتماعية بأصحاب الأفراح من جهة، وبكل ما يرتبط بحفلات الخطبة أو الزفاف بصلة، مثل الحناء وفساتين الزفاف والهدايا والمأكولات، والفرق الموسيقية، وأصبح لديها أكثر من فيلا وسيارة، من صالات الأفراح، وتابع: الفنادق تكسب كثيراً، والثراء الحقيقي يأتي من امتلاك رجل أو سيدة الأعمال، لصالة الأفراح وتنظيمها من الألف للياء، وليس من تأجيرها فقط، وكثير من الناس يبحثون عن الوجاهة الاجتماعية والتفاخر بين الآخرين، لذا تعقد حفلات أفراحها في أرقى الأماكن والفنادق.

مقترحات

صالح الخيالي يعترف بأسى أن العرس العماني التقليدي اندثر في السنوات الأخيرة، وأصبح في خبر كان، ونسمع عنه من آبائنا وأجدادنا فقط، بعد أن غزت العادات العربية والغربية المجتمع العماني في الزي والطعام و تقاليد الزواج، ولم يعد باقياً من التراث العماني في الزواج، سوى الحناء وبعض الأغاني الشعبية، التي يرددها على استحياء بعض أهالي العروسين، وأصبح الفرح الآن يعقد في إحدى الصالات المخصصة لذلك، ولمناسبات أخرى، مثل عقد بعض المؤتمرات والندوات، وأضاف: تبلغ تكاليف إيجار صالة الأفراح لمدة ثلاث ساعات فقط في ليلة الزواج، أكثر من 7 آلاف ريال، واقترح الخيالي إنشاء صالات أفراح حكومية للأعراس، في مختلف المحافظات برسوم رمزية للشباب، مع إحياء فكرة الزفاف الجماعي، لتيسير الزواج على الشباب والفتيات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"