الدار البيضاء أوكازابلانكا كما جرى تداول اسمها عالمياً واحدة من أجمل المدن العربية التي يلهث السائح لزيارتها ولو لفترة قصيرة، وهي المدينة الوادعة ذات التاريخ العريق حيث سكنها الإنسان في القرن السابع قبل الميلاد .
ولا تحتاج الدار البيضاء إلى المديح أو الإشادة فهي تنطق بكل آيات السحر والجمال حيث تعكس مبانيها حسن ذوق أهلها ووعيهم وتدبيرهم، وليس من الغرور القول، إن هذه المدينة هي من أبهى ما تفتقت عنه ذهنية الهندسة المعمارية وحسن التنظيم .
تقع الدار البيضاء على تخوم المحيط الأطلسي وهو ما يمنحها تلك المكانة البديعة، وهي عاصمة محافظة الدار البيضاء، ومن أضخم المدن في المملكة المغربية، وتشير إحصاءات العام 2004 إلى أن سكانها بلغوا نحو 3 ملايين نسمة في المدينة ذاتها وأكثر من ثلاثة ملايين ونصف في النواحي والبلدات المحيطة بها . وتبرز شهرة المدينة أيضاً بأنها عاصمة النشاط الاقتصادي والتجاري في حين أن شقيقتها الرباط هي مركز النشاط الدبلوماسي والسياسي .
وعلى ذلك فإن الدار البيضاء تستضيف المقار الرئيسة للشركات الدولية وتحتوي على منشآت صناعية مختلفة تفخر بها المغرب . وتشير الإحصاءات الصناعية إلى أن الدار البيضاء لها مكانة تاريخية باعتبارها المنطقة الرئيسة للصناعات في المغرب . كما أن ميناء المدينة يعد الميناء الاصطناعي الأضخم في العالم وأكبر الموانئ في شمالي إفريقيا . كما يحتوي على القاعدة الرئيسة لسلاح البحرية الملكي .
بقي أن نعرف أن اسم كازابلانكا هو عبارة مركبة في اللغة الإسبانية مكونة من كلمتين البيت الأبيض (بلانكا: أبيض) و(كاسا: بيت) . ولا يزال اسمها القديم (آنفاً) لكنه يشير إلى أحياء المدينة القديمة .
استخدم الفينيقيون ميناء المدينة وخلفهم بعد ذلك الرومان . ويؤكد المؤرخ حسن الوزان أن الدار البيضاء كانت عبر التاريخ من المدن المغربية الأكثر ازدهاراً على الساحل الأطلسي بسبب ما حباها الله من سهول خصبة . وشيد فيها الغزاة البرتغاليون حصناً منيعاً في العام ،1468 وفي العام ،1755 وفي أعقاب هزة أرضية قوية دمرت المدينة بالكامل، هجرها الأوروبيون . وفي القرن التاسع عشر اشتهرت الدار البيضاء بأنها المصدر الرئيس للصوف الذي كانت تستورده صناعات النسيج البريطانية . كما بدأ البريطانيون يستوردون الشاي المغربي الشهير شاي البارود .
شهرة عالمية
تم تصوير سلسلة من الأفلام تحمل اسم كازابلانكا ومن أقدمها فيلم كازابلانكا الذي صور في العام 1948 في المرحلة الاستعمارية عندما كانت المدينة مركزاً للصراعات بين القوى الأوروبية المتنافسة . وشارك في التمثيل قائمة من النجوم من أقطار مختلفة: فقد كان هناك نجوم أمريكيون وفرنسيون وألمان وتشكيك ونورويجيون وبلغار وروس وبعض الجنسيات الأخرى . وشكل الأوروبيون خلال عقد الأربعينات والخمسينات نصف سكان المدينة، وأصبحت الدار البيضاء في تلك الحقبة من تاريخ المغرب مركزاً للمقاومة ضد الوجود الفرنسي .
وحظيت الدار البيضاء بسمعة استراتيجية واسعة خلال فترة الحرب العالمية الثانية واستضافت مؤتمراً جمع تشرشل وروزفلت اللذين ناقشا تطورات الحرب . وأصبحت موقعاً لأكبر قاعدة جوية عسكرية أمريكية التي كانت منطلقاً لمسرح العمليات الأوروبية خلال الحرب الثانية .
المطار
يشتهر مطار محمد الخامس الدولي عالمياً فهو الأكثر ازدحاماً بين المطارات المغربية الأخرى . وفضلاً عن الرحلات الدولية فالمطار يوفر رحلات محلية تشمل معظم المدن المغربية . والمطار أيضاً صلة وصل بين شمال إفريقيا ومعظم المدن الأوروبية خاصة الرحلات المتوجهة إلى المطارات الإسبانية والفرنسية كما أن هناك رحلات منتظمة إلى أمريكا الشمالية والشرق الأوسط ووجهات إفريقية أخرى . وتعد نيويورك ودبي وداكار من أهم الوجهات التي يخدمها المطار . وهناك أيضاً مطار الدار البيضاء آنفا الذي يقع إلى الغرب من المدينة وتسير منه رحلات إلى دمشق وتونس، وتم إغلاقه أمام الرحلات الدولية في العام 2006 .
المناخ
تشتهر الدار البيضاء بهوائها العليل فهي تتمتع بمناخ متوسطي لطيف، ويتأثر مناخها إلى حد بعيد بالتيارات الباردة الآتية من المحيط الأطلسي وهو ما يجعل مناخها معتدلاً صيفاً شتاء . وتقل أمطارها خلال شهري مايو/ أيار وسبتمبر/ أيلول .
الشواطئ والمنتجعات البحرية
يتم تسيير شبكة من الحافلات من الدار البيضاء إلى معظم البلدات المغربية وإلى عدد من المدن الأوروبية كما يتوقع أن يفتتح في المدينة شبكة قطارات الأنفاق التي ما إن ينتهي العمل بها حتى تخلص سكان المدينة من الإزدحامات المرورية، وسيتم افتتاح الشبكة في العام 2017 وسيبلغ طوله 10 كيلومترات بتكلفة 7 .46 مليار درهم مغربي أي نحو 8 .5 مليارات دولار .
محطات القطارات
تخدم المدينة ثلاث محطات قطارات حالياً تشرف عليها إدارة خطوط السكة الحديد الوطنية، كما تتوفر خدمة السكك الحديد التي تصل ما بين مطار محمد الخامس الدولي ومركز المدينة، حيث من الممكن أن يستقل الراكب قطارات لها وجهات أخرى .
شوارع المدينة وأبنيتها الفاخرة
تتميز الدار البيضاء بشوارعها العريضة التي تبهر نظافتها الزائرين وبحسن تنظيمها وتكاد تنافس أكثر المدن الأوروبية رقياً وعمارة . وتشتهر ببرجها في وسط المدينة وبشارع محمد زرقتوني (بوليفار) وتمثل الأبنية التجارية والمصارف قلب المدينة الحيوي والنابض اقتصادياً وتجارياً .
وتعد منطقة الدار البيضاء القلب المحرك لحركة التطور الاقتصادي في المغرب . وتجذب المنطقة 32% من الوحدات الانتاجية للبلاد و56% من قطاع العمالة الصناعية . وتستهلك محافظة الدار البيضاء 30% من منتج الطاقة الكهربائية الوطنية . وتسهم بنسبة 44% من الطاقة الانتاجية للمغرب . وهي مركز مهم للتصدير حيث تصدر 33% من المنتج الصناعي المحلي . ومن أبرز صادراتها الفوسفات أما الصناعات الأخرى فتضم صناعة تعليب الأسماك والأثاث والمنسوجات والإلكترونيات والجلود والمواد الغذائية المعالجة والمشروبات الغازية والسجائر . وتخضع معظم الواجهة البحرية للدار البيضاء حالياً لعمليات تطوير واسعة النطاق .
أهم المعالم البارزة
يصنف مسجد الملك الحسن الثاني على أنه من أهم المعالم في المدينة وهو تحفة عمرانية تهوي إليها قلوب الزوار الذين يقدرون عالياً القيمة المعمارية والفن الهندسي الرفيع الذي أقام المسجد . وقد أشرف على هندسته الفرنسي ميشيل بينسو، ويقع المسجد مباشرة على المحيط الأطلسي، وتبلغ قدرته الاستيعابية نحو 25 ألف مصل ويمكن أن يستوعب صحن المسجد 80 ألف مصل . وتعد منارة المسجد الأعلى في العالم إذا يبلغ ارتفاعها 250 متراً، والمسجد هو الأضخم في إفريقيا الشمالية وثالث أضخم المساجد في العالم . وتحتوي المدينة على حديقة الجامعة العربية وهي من أضخم المتنزهات في المدينة . كما تعد المدينة مركزاً للتراث الشعبي المغربي .ومن أبرز معالم المدينة الجزيرة الواقعة قبالة الشاطئ ويطلق عليها اسم جزيرة سيدي عبدالرحمن الثعالبي، وهي مرقده أيضاً ويصل الشاطئ بالجزيرة جسر، والثعالب هو صوفي من بغداد، ومؤسس الجزائر ويعتبره المغاربة ولياً من أولياء الله الصالحين، ولذلك يمثل مزاراً يؤمه المغاربة من كل حدب وصوب طوال العام .
