عادي

الأستاذ في حضرة الشيخ . .

05:21 صباحا
قراءة 4 دقائق

- كان لقاءً تاريخياً ذاك الذي جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مع الكاتب والمفكر والإعلامي والسياسي الكبير محمد حسنين هيكل، فهو يحدث لأول مرة .
- قال هيكل لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد: أخبرني كيف استطعت أن تحقق هذه المعجزة الاقتصادية والعمرانية، وأن تحوّل دبي إلى مدينة عالمية؟ فرد عليه سموه: أخبرني أنت أولاً كيف استطعت رغم كل السنين ال (90 عاماً) أن تحافظ على حضورك الذهني والفكري والأدبي، وأن تواصل مسيرة العطاء بكل مثابرة؟
- سأل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هيكل: لماذا لم تزرنا منذ زمن طويل، فالإمارات قريبة من مصر قلباً وقالباً؟ فرد هيكل: حاولت في السنوات الماضية أن أبتعد عن زيارة الدول العربية، وكان تركيزي على السفر إلى الغرب، وعلى الكتابة وغيرها .
- قال هيكل: دبي تهمني كثيراً، واستقطبت اهتمامي في السنوات القليلة، وأعتقد أننا بحاجة إلى دراسة تجربتها بعمق، وأن الدول العربية تحتاج إلى الاستفادة من هذا النموذج الذي استطاع أن يكون علامة فارقة في محيطنا العربي .
- قال هيكل: التحدي القادم هو كيف يمكن للعالم العربي أن يطبق تجربة مماثلة لدبي، وكيف يمكن للإمارة أن تنشر تجربتها وتعممها على الوطن العربي؟
- قال هيكل: الموجود في دبي نموذج يتجاوز القدرات المحلية وحتى العربية والعالمية، إنها تمثل استثماراً عالمياً غير محدود بسكان دولة واحدة .
- قال هيكل: السر الحقيقي في نجاح دبي هو أن الشيخ محمد بن راشد استطاع أن يبحر بالعناصر المتوفرة لدى الإمارة، وأن يجمع بينها بشكل متناسق، فأصبحت بيئة جاذبة، في الوقت الذي تحولت فيه الدول العربية إلى بيئة طاردة .
- هيكل: عندما حضرت إلى دبي عام ،1975 في إطار جولة عربية، التقيت بالمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رحمه الله، وكان لقاء مميزاً في مبنى الجمارك على خور دبي، وكان طيب الله ثراه يتحدث معي وعيناه على السفن والقوارب القادمة والمغادرة للخور، وكانت دبي في بداية مشوارها، وحدثني كثيراً عن ميناء جبل علي وحلمه بتحويله إلى ميناء عالمي .
- صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قال لهيكل: نحن نقدرك ونعزك ونعرف عنك الكثير، دراساتك، وكتاباتك، ولقاءاتك مع الزعماء والشخصيات، وأنا سأدعم كلامك وأضيف عليه أننا في دبي اليوم لا نمثل دولة الإمارات فقط، وإنما مليار و200 مليون نسمة يعيشون حولنا ممن يريدون اتخاذ دبي مقراً لأعمالهم .
- قال الشيخ محمد بن راشد: أريد أن أوضح نقطة رئيسية: إننا في دولة الإمارات نعتمد على العنصر البشري بشكل رئيسي، فالمحور الأساسي للخطة كان يرتكز على التعليم، إذ بدأنا منذ سنوات بعيدة إرسال أبناء الوطن إلى الخارج لتلقي تعليمهم، وبعد عودتهم، ردوا الجميل وبدأوا ببناء ما رأيت من إنجازات .
- هيكل: دبي استطاعت أن تقفز في معدلات تطورها بأكثر من النسب التي تسمح بها الظروف الطبيعية .
- محمد بن راشد: نحن لدينا الطاقة الإيجابية التي تدفعنا إلى القول والعمل بأن نسعى نحو الرقم واحد، لا يوجد لدينا أي تميز، ولا نفرق بين شخص وآخر، الكل سواسية، ومن هنا فإن جميع المقيمين في الإمارات يشعرون أنهم جزء أساسي من المجتمع، فيقدمون الأفضل لأنفسهم وللبلد .
أضاف سموه: أنا قائد، وقدت المجموعات، وفرق العمل، أصعب شيء عند القائد أن يكون لديك رؤية وتقنع فرق العمل .
نريد لدولة الإمارات أن تكون مثالاً للدول العربية، نريد أن تساعد الجميع، نريد كقادة أن نخدم شعبنا، وأن يكون هذا الشعب سعيداً، وهو لن يكون كذلك إلا إذا اكتملت عنده كل الاحتياجات، أفضل تعليم وأفضل صحة، وأفضل عمل، وأفضل حياة .

حوار القائد والمفكر
الحوار العميق والحميمي بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، والأستاذ محمد حسنين هيكل يستحق التأمل والتسجيل في آن .
الحوار هذه المرة، بين قائد، يقود تجربة معاشة، وقصة نجاح غير مسبوقة، في معناها ومضمونها وأبعادها وزمانها، وبين مفكر استراتيجي، صاحب سلطة فكرية وشعبية، وضمير وطني، يأخذ نفسه بصرامة ومهنية عالية، معتز بنفسه وبخبرته السياسية، ومتحدث لبق أيضاً .
جاء الأستاذ إلى الإمارات، ولسان حاله يقول: "كل الناس تقول دبي . . دبي" ويسأل الشيخ: ماذا هناك يا صاحب السمو؟ . . ما هو السر، وراء هذا النجاح؟ كيف تمكنتم من هذا البناء، واكتساب دهشة العالم؟
جاء الأستاذ إلى دولة الإمارات، بعد "اعتذاره" عن زيارة دول المنطقة، على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، جاء مندهشاً، يسأل ويبحث، ويبدي دهشته وإعجابه، ويكتشف إجابات مغايرة لنظريات كانت تقول بأن "المدن الشاطئية تحتاج إلى عمق سكاني" . . فكيف انقلبت هذه النظريات، وبنيتم هذه الإنجازات؟
يبتسم الشيخ محمد، وبكلمات بسيطة وقصيرة، يشير إلى الإرادة والإنسان، ويقول الأستاذ، إنه قرأ كتاب الشيخ محمد "رؤيتي"، . . ويطول الحوار، حول المشهد السياسي العربي، وإقليم الخليج، "ولا خوف على مصر"، إذ لديها موروث ضخم وثرورة بشرية وعلمية وطبيعية، وموقع "عبقري"، وخبرة حكم هائلة .
الحوار في هذا اللقاء، كان حواراً تاريخياً، قدم فيه الأستاذ شهادته على الإمارات، مثلما سبق أن قدم، ويقدم، شهادته على العصر، وعلى الراهن من الأحداث، كصاحب رؤية ومعلومات بالغة الجسارة والصدقية في أزمنة داجنة .
الإمارات، ودبي في قلبها، حينما يشيع سر نجاحها، تصبح نموذجاً جاذباً وملهماً . . وحينما يأتيها حامل قلم، له صدقية، لا نديماً لبلاط أو منشداً لنظام، يسأل بدهشة الصديق: كيف جرى . . وما السر في هذا؟ يكتشف عبقرية الإرادة الإنسانية، والفعل المعاند للمستحيل .
                                                                                   تحية للشيخ محمد . . وتحية للاستاذ، وستظل مصر ولاّدة .

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"