المواجهة المطلوبة للتحدي «الكوروني» العالمي

01:35 صباحا
قراءة 3 دقائق
علي توفيق الصادق
علي توفيق الصادق
د. علي توفيق الصادق *

 

التحدي الأكبر تواجهه البلدان المنخفضة الدخل التي ليست لها قدرة على الرعاية الصحية المطلوبة بسبب النقص في القدرة الاستيعابية للمرضى والإمدادات الطبية والمهنيين في مجال الصحة واحتياجات التمويل الضخمة.

الفيروس الكوروني (كوفيد 19) حصد أرواحاً كثيرة من مواطني الاقتصادات المتقدمة ومواطني الاقتصادات النامية وما زال يحصد دون تمييز بين غني وفقير أو أبيض أو أسود وما زال يهدد الإنسان، وقد أحدث أزمة صحية عالمية تطورت بسرعة إلى أزمة اقتصادية ومالية، تجسدت في وقف أجزاء مهمة من الاقتصاد العالمي وأفرز ملايين العاطلين عن العمل وركوداً اقتصادياً عالمياً، كما ساهم في انخفاض حاد في مؤشرات الأسواق المالية العالمية وأسواق السلع.

تشكل هذه التطورات تحديات خطيرة غير مسبوقة منذ قرون من الزمن. والتحدي الأكبر تواجهه البلدان المنخفضة الدخل التي ليس لها قدرة على الرعاية الصحية المطلوبة بسبب النقص في القدرة الاستيعابية للمرضى والإمدادات الطبية والمهنيين في مجال الصحة واحتياجات التمويل الضخمة. والسؤال الذي يتردد على ألسنة الناس مسؤولين وصناع سياسات وكذلك الأفراد العاديين: ما العمل؟

في مقال سابق، قلنا إن الأوضاع العالمية غير عادية، ولذلك يجب مواجهتها بسياسات غير السياسات التقليدية، المالية والنقدية والتجارية والاجتماعية. التحدي تحدٍّ عالمي، وهي فرصة للمجتمع الدولي أن يعمل معاً من خلال المؤسسات الدولية لاحتواء تفشي كورونا (كوفيد 19) لحماية الناس كل الناس، الفقير والغني، في الاقتصادات المتقدمة وفي الاقتصادات الصاعدة والنامية. وهذا الأمر شرط ضروري لانتعاش الاقتصاد العالمي.

في الوقت الذي تواجه الدول التحدي الكوروني لاحتوائه والقضاء عليه، ما عليها إلا أن تستخدم جميع الأدوات المتاحة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والأوضاع الاجتماعية.

الخطوة الأولى: أن تعيد الدول النظر في السياسة المالية بحيث تزيد الإنفاق في المجالات المتعلقة بالصحة وبمحاربة الفيروس، وتساعد الشركات التي تحافظ على العاملين لها بتحمل نسبة من رواتبهم لأن في ذلك مصلحة للاقتصاد، ومساعدة الأشخاص الذين فقدوا أعمالهم أو وظائفهم.

الأخذ بهذه المقترحات يخفف آثار الأزمة ويهيئ الظروف لاستعادة التدفقات التجارية والمالية عندما يعود الانتعاش الاقتصادي ويستقر. نذكر أن الأزمة الكورونية أثرت في جانبي النشاط الاقتصادي، على عرض السلع والخدمات من ناحية وعلى طلب السلع والخدمات من جهة أخرى.

عودة جانبي النشاط الاقتصادي مهمة لعودة النشاط الاقتصادي سواء كان على المستوى الوطني أو العالمي. وتتطلب عودة النشاطات الاقتصادية تمويل لها. وهنا تبرز أهمية دور البنوك في توفير الاحتياجات التمويلية للشركات والأفراد المهمين لدوران عجلة الاقتصاد، كما أن للبنوك المركزية دوراً مهماً في توفير السيولة للبنوك في الوقت المناسب.

ذكرنا أن الأزمة الكورونية أزمة عالمية، ولا بد من مواجهتها عالمياً، وهذا يتطلب تكثيف الجهود لمساعدة البلدان الأكثر ضعفاً وذات الدخل المنخفض بتوفير التمويل والإمدادات الطبية والمساعدات الصحية الفنية النادرة للوقاية من الأمراض وعلاجها والتخفيف من حدة الأثر الاقتصادي.

هذا في مصلحتنا الجماعية، والعمل المتعدد الأطراف المنسق والمستدام هو المفتاح لاستعادة النمو. مع الاعتراف بأن الموارد المحلية قد لا تكون كافية، يجب النظر في التمويل من جميع طبقات شبكة الأمان المالي العالمية لدعم البلدان ذات الاحتياجات التمويلية المرتفعة. يتضمن هذا خيارات لمعالجة نقص العملات الأجنبية في الأسواق الناشئة، التي لديها يعانون تدفقات رؤوس الأموال الكبيرة. وعلى صناع القرار تجنب التجارة القيود، ولا سيما على اللوازم الطبية، ومعالجة ضعف

سلاسل التوريد العالمية. مع استقرار الاقتصاد العالمي، التحفيز المنسق مطلوب لتعزيز الطلب واستعادة النمو.

* مدير معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي سابقاً

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير مالي وإقتصادي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"