عادي
245 مليار دولار إنفاق المنطقة وإفريقيا 2020

حوسبة بيانات الإمارات محط أنظار الشركات العالمية الكبرى

00:12 صباحا
قراءة 8 دقائق
دبي: حمدي سعد

تتوجه عيون الشركات التقنية الكبرى إلى سوق الحوسبة السحابية المتنامي في الإمارات للحصول على حصة من هذا السوق عبر تقديم حلول وأنظمة تساعد القطاعين الحكومي والخاص للاستفادة من هذه الحلول وتوفير منصات برامجية وتخزينية لإدارة هذه البيانات وتحويلها إلى قيمة مضافة تساعد على نمو الأعمال وازدهارها.

وتؤكد الشركات أن الحوسبة السحابية باتت ملاذاً أمناً للتعامل مع بيانات المؤسسات والشركات بشتى أنواعها وأحجامها من ناحية وعلى مستوى الاستفادة من قاعدة برمجيات محدثة وحلول واسعة جداً من ناحية أخرى، تمكنها من توفير استثمارات مالية كبيرة لشراء وبناء منصات رقمية خاصة، في الوقت الذي يمكن الاستفادة منها كخدمة.

تسعى القطاعات الحكومية والخاصة إلى الاستفادة من البرمجيات والتطبيقات العالمية لمواكبة التطور العالمي، لاسيما في قطاعات: علوم الفضاء والذكاء الاصطناعي والمدن الذكية وشبكات الجيل الخامس للاتصالات والسيارات ذاتية القيادة والروبوتات والتي تصب جميعها في الثورة الصناعية الرابعة وغيرها من مجالات استشراف المستقبل الرقمي في العديد من القطاعات.

تسارع تقني أكبر

يرى علاء الشيمي، المدير التنفيذي والنائب الأول لرئيس مجموعة أعمال «هواوي إنتربرايز» لقطاع المشاريع والمؤسسات في الشرق الأوسط أن المؤسسات الحكومية والشركات في الإمارات تنتقل من الاعتماد على مراكز البيانات التقليدية الموجودة ضمن الشركة أو المؤسسة إلى مراكز البيانات المتخصصة المستقلة التي تعمل بالحوسبة السحابية، وذلك لتحقيق مرونة أفضل في العمل، وتعزيز مسارات قابلية تطوير الأعمال، وخفض التكاليف، وإمكانية تنفيذ العمليات والإدارة بشكل آلي وأكثر أماناً وسرعة.

أضاف، الجيد في الأمر أن التحول نحو خدمات الحوسبة السحابية يتحقق وفق تسارع أكبر بفضل التطبيقات الرقمية الحديثة وتطبيقات الحوسبة السحابية، بالإضافة إلى الكم الهائل من البيانات ضمن الاقتصادات المتصلة في وقتنا الحالي، والتي يمكن الاستفادة منها لتحقيق نتائج لم تكن في الحسبان.

ويتم تعزيز استيعاب حلول الحوسبة السحابية في الإمارات انطلاقاً من رغبة الحكومة في إطلاق أحدث التقنيات بما توفره من إمكانات كبيرة مثل تقنية «بلوك تشين»، والجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي.

إنفاق كبير

ووفقاً لشركة البيانات الدولية «آي دي سي» IDC، فمن المتوقع أن تنفق منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا 245 مليار دولار خلال 2020 على التطوير المتسارع لعدد من التقنيات مثل الجيل الخامس، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، ومن شأن هذا الأمر أن ينعكس بشكل بالغ على دفع عجلة تطور الاقتصادات المحلية، وبالتالي تنمية الأعمال وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

توفر الاستراتيجية القائمة على الحوسبة السحابية للحكومات قدرات عالية في مجال تقنية المعلومات بحيث تلبي الطلب المتزايد على الخدمات الرقمية بالغة الأهمية في المرافق العامة، والنقل، والتعليم، والاتصالات، والرعاية الصحية، وغيرها.

تحديات «الصغيرة والمتوسطة»

وأشار الشيمي، إلى أن أحد التحديات الرئيسية التي تواجهها حالياً المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بشكل عام هي مسألة التدفق النقدي، لذلك، يجمع المتخصصون على أنه من المجدي لهذه الشركات التوصل إلى نموذج للتطبيقات والخدمات الرقمية يحقق الكفاءة من ناحية التكاليف والدفع مقابل الاستخدام، وهذا ما توفره بالضبط الحوسبة السحابية، حيث يمكن للشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال الاعتماد على الحوسبة السحابية الاستفادة بشكل أكثر سهولة وسرعة من خدمات مثل الحوسبة، والتخزين، والنسخ الاحتياطي، وتطوير منصات التطبيقات، وبعض البرمجيات التي تعتبر بمثابة خدمات وتتضمن تطبيقات عند الطلب مثل كشوف الرواتب، وإدارة علاقات العملاء، والمحاسبة، ومشاركة الملفات، والعديد من التطبيقات المتعلقة بالمجال الصناعي.

وقال الشيمي: نرى اليوم المزيد من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتبنى فكرة توفير منصة خارجية للبيانات والخدمات من خلال الحوسبة السحابية، وتدرك الأهمية الكبيرة التي ينطوي عليها هذا النهج.

ومع ذلك، فإن إنشاء نظام إيكولوجي مفتوح وتعاوني قائم على الحوسبة السحابية يظل أمراً جوهرياً في عصر الرقمنة، ومن المهم اليوم لجميع شركات تقنية المعلومات والاتصالات ومزودي خدمات الحوسبة السحابية العمل معاً لتحسين استخدام موارد الحوسبة السحابية، وتعزيز عملية تقييم المخاطر الاستباقية، وتوفير رؤية كاملة للبنية التحتية وإدارة عمليات تقنية المعلومات بشكل آلي.

وأضاف الشيمي، أن شركة «هواوي» ترى أن مستقبل الحوسبة السحابية يتأثر بالانسجام بين 3 عوامل تتسارع بشكل كبير وتتمثل في البيانات، وعرض النطاق الترددي، والذكاء الاصطناعي، إذ يتوسع عرض النطاق الترددي بشكل متسارع، ولكن الأمر المهم هو أنه سيصبح لاسلكياً.

نمو كبير للبيانات

أما البيانات فهي تنمو بمعدل 66%، ويعتبر الذكاء الاصطناعي العامل الأكثر أهمية بينها، والذي سيتقدم بشكل أكبر من الحوسبة السحابية، ونستمر في الاستثمار في هذا السوق وفق استراتيجية تركز على 4 مجالات رئيسية تتلخص في توسيع نطاق الحوسبة السحابية، والاستثمار في معالجة جميع سيناريوهات الحوسبة السحابية، والحفاظ على حدود واضحة للأعمال، وبناء نظام إيكولوجي مفتوح للحوسبة السحابية.

قفزات كبيرة

ويقول الدكتور كريس كوبر، المدير العام لشركة Lenovo DC، الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا: ترتفع الإمارات على تقنية المعلومات والاتصالات بصورة جيدة سنوياً، فيما حققت الدولة قفزات كبيرة نحو تحقيق أهدافها التنموية المتنوعة على النحو المبين في خطة دبي 2021، ومبادرة 10X ومئوية الإمارات 2071، وفيما ننتقل إلى عام 2020، سيكون التحول الرقمي للاقتصاد الإماراتي وشبكات الجيل الخامس وإنترنت الأشياء والفعاليات الكبرى مثل إكسبو 2020 بمثابة محفزات إضافية وفي ضوء ذلك، نتوقع أن ينتقل أصحاب المصلحة في القطاع الحكومي بدولة الإمارات بشكل أكثر قوة إلى مجال الحوسبة السحابية.

ويوضح كوبر، أن استعداد الشركات الصغيرة والمتوسطة سريعة النمو لتبني التكنولوجيا الناشئة بدأ في تغيير مشهد الحوسبة السحابية على مستوى الإمارات خاصة والمنطقة عامة، وهو ما يخلق الكثير من التداعيات حيث يسارع مزودو الخدمة إلى الحصول على حصة من هذا السوق المربح.

ووفقاً لدراسة حول صناع القرار بقطاع تكنولوجيا المعلومات في دولة الإمارات والتي أصدرتها مؤخراً شركة يوجوف، فإن 88% من صناع القرار قالوا إنهم سيقومون بزيادة إنفاقهم على الحوسبة السحابية في عام 2019، فيما أقر 59% من المشاركين في الدراسة أنهم سيقومون بزيادة الإنفاق على الحوسبة السحابية بنسبة لا تقل عن 30% وبشكل عام، قال 83% من صناع القرار في قطاع تكنولوجي المعلومات إن مؤسساتهم ستقوم بتبني الحوسبة السحابية بشكل جزئي أو كلي هذا العام.

ويعد ذلك أمراً واعداً بالنسبة للتنمية الاقتصادية في المنطقة نظراً لأن الحوسبة السحابية -من خلال إمكانات المعالجة وتخزين البيانات التي تتمتع بها تعد أمراً ضرورياً لتحقيق أقصى استفادة من قدرات التقنيات الجديدة مثل بلوك تشين أو الذكاء الاصطناعي.

أبرز القطاعات

وحول أبرز القطاعات المتجهة على الحوسبة السحابية قال كوبر: وفقاً لتوقعات صدرت مؤخراً عن مؤسسة البيانات الدولية «آي دي سي» IDC، فإن الإنفاق على تكنولوجيا المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا سيتجاوز 80 مليار دولار خلال 2020 بزيادة 2.8% على أساس سنوي.

وتتألف نسبة 56.8% من هذا الرقم من مؤسسات في المنطقة من داخل قطاعات الاتصالات والتمويل والحكومة والتصنيع. وعلاوةً على ذلك، سيشهد قطاع النقل نمواً هائلاً خلال السنوات المقبلة، يليه قطاع التجزئة والجملة بالإضافة إلى قطاعات المرافق.

وسيؤدي البحث عن التحول الرقمي إلى دفع الاستثمارات في التقنيات الناشئة مثل الحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والتحليلات والأمن.

وأضاف كوبر، تشير توقعات مؤسسة البيانات الدولية «آي دي سي» إلى أن استثمارات الحوسبة السحابية في المنطقة من شأنها أن تتجاوز 2.7 مليار دولار، وستتجاوز الاستثمارات في البيانات الضخمة 2.7 مليار دولار، فيما ستفوق الاستثمارات في قطاع الأمن 2.9 مليار دولار.

التحديات والفرص

وحول التحديات والفرص السوقية في مجال خدمات الحوسبة السحابية قال كوبر: إن التقنيات الناشئة مثل الحوسبة السحابية دائماً ما تأتي مصحوبة بمجموعة من التحديات الخاصة بها.

ويتم تقديم خدمات الحوسبة بأسعار معقولة، لكن ضبط الأنظمة الأساسية بما يتوافق مع متطلبات وتفضيلات المؤسسات والشركات يمكن أن يكون أمراً مكلفاً، وعلاوةً على ذلك، فإن غياب التحكم الروتيني في منصة الحوسبة القابلة للتطوير بشكل غير محدود يمكن أن يرفع التكلفة.

وبالإضافة إلى التحديات الأخرى مثل مشاكل التعطل المحتمل وموثوقية الشركاء وخصوصية البيانات، يمكن لتكلفة نقل البيانات إلى السحب العامة إثبات أنها تمثل مشكلة للمشاريع الصغيرة وقصيرة الأجل.

وفيما يتعلق بالجانب المشرق، يمكن للحوسبة السحابية أن تجعل من تخزين البيانات وإدارتها عملية سريعة ومريحة. وتمتلك الحوسبة السحابية القدرة على تزويد الشركات بجميع متطلبات التخزين اللازمة لضمان الإنتاجية والنمو داخل الشركة.

ويمكن تثبيت قاعدة بيانات أي شركة تستند إلى الحوسبة السحابية في دقائق معدودة وتخزين البيانات في الآلاف من الخوادم الافتراضية حيث يمكن الوصول إليها بسهولة من خلال أي جهاز باستخدام اتصال إنترنت بسيط.

2020 عام المعلومات المبسّطة

ويقول محمد أمين، النائب الأول للرئيس لمنطقة الشرق الأوسط وروسيا وإفريقيا وتركيا في «دل تكنولوجيز»: سيكون 2020 عام تكنولوجيا المعلومات المبسّطة وسيشهد هذا العام إقبال المؤسسات على تسريع وتيرة مشاريع التحول الرقمي لديها من خلال تبسيط وأتمتة البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات الخاصة بها، بالإضافة إلى توحيد الأنظمة والخدمات ودمجها في إطار حلول شاملة تتيح مزيداً من التحكم وتعزيز قدرات أتمتة البيانات.

وفي ظل استمرار طرح تقنيات الجيل الخامس والربط الشبكي، تتوقع المؤسسات أن يقوم مزودو البيئات السحابية والخدمات بتقديم المزيد من الحلول الأكثر تطوراً، وذلك لضمان حصولها على قدرات إدارة وتتبع أفضل للبيانات، مع التأكد من إتاحة الاستخدام الدائم لهذه البينات والحفاظ على أمنها.

خدمات سحابية هجينة

من جانبه يقول تامر الصاوي المدير التنفيذي لقسم الحلول السحابية والمعرفية لشركة أي بي إم في الشرق الأوسط وباكستان: لا تزال لدى المنصات والخدمات السحابية العامة الكثير لتقدمه، فهي توفر المرونة والسرعة التي تُمَكِّن أقسام تكنولوجيا المعلومات في الشركات من الاستجابة للاحتياجات المتنامية لمختلف قطاعات الأعمال، كما أن نقل أعباء العمل إلى المنصات السحابية للشركات يكفل قطع خطواتٍ كبيرة على صعيد خفض التكاليف وتحسين الإنتاجية، ويتيح التركيز على العمليات الأساسية وصرف الاهتمام نحو اغتنام الفرص الجديدة في السوق على نحوٍ أسرع.

ويضيف الصاوي، وبالرغم من القدرات الهائلة التي توفرها المنصات السحابية العامة، إلا أن الشركات التي تعتمد عليها وتتبناها تواجه، لا محالة، معضلة وقوع المزيد والمزيد من بياناتها رهينةً لمنصةٍ سحابيةٍ واحدة، وهكذا، سرعان ما تحول الخوف من التقيّد بمزود خدمات معين والاعتماد المفرط عليه إلى مصدر قلقٍ واسع النطاق.

ويؤكد الصاوي أن عامل الأمان يعتبر كذلك أحد أبرز مصادر القلق في هذا الصدد، بل هو في الواقع الميزة الأكثر أهمية عند اختيار مزود الخدمات السحابية. كما يضع نحو 6 من كل 10 من صناع القرار في قطاع تكنولوجيا المعلومات هذا العامل في المرتبة الأولى بين العوامل التي يتم الاختيار على أساسها، ووفقاً لبيانات شركة «Morning Consult»، ولعلّ هذا يفسر إلى حدّ ما سبب بقاء الغالبية العظمى من أعباء العمل في العالم في مراكز البيانات الخاصة.

قلق وتحديات كثيرة

كشفت دراسةٌ نشرتها مؤخراً شركة «Morning Consult» أن 86٪ من صناع القرار في مجال تكنولوجيا المعلومات يرون أن التقيّد بمزود خدمات سحابية واحد والاعتماد المفرط عليه يمثل مصدر قلق رئيسياً لهم فيما يتعلق بقرار الشراء.

ولا تتعلق مسألة التقيد بمزود خدمات واحد بمجرد عدم القدرة على الانتقال إلى مزودٍ آخر فقط، بل إن كل خيار سحابي تقوم به أي شركة يترافق مع مجموعة من الافتراضات حول كل شيء بدءاً من أدوات التطوير وانتهاءً بإمكانيات التطبيق المُستخدم.

وقد يؤدي الاعتماد المفرط على منصةٍ سحابية عامة واحدة إلى وضع تجد فيه الشركات نفسها مجبرةً على اتخاذ مسارٍ محددٍ نتيجة صعوبة تغيير عادات المطورين مع مرور الوقت.

تطرح استراتيجية الاعتماد على منصةٍ سحابية عامة واحدة تحدياتٍ أخرى كذلك، فكلّ شركة لها متطلبات فريدة من حيث البيانات وأعباء العمل، والتي لا يمكن للمنصات السحابية العامة تلبيتها بمفردها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"