«مسبار الأمل».. نصر للإمارات والعرب

05:51 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. فايز رشيد

ليس بالخبر العادي أن دولة عربية ستدخل مجال الفضاء تماماً كالدول الكبرى، وبعض الدول التي تهتم بالبحث العلمي المتطور.. الخبر أن دولة الإمارات العربية المتحدة أنشأت وكالة الإمارات للفضاء بمهمة محددة، بدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي لاستكشاف الفضاء الخارجي وتحديداً إلى كوكب المريخ. وقد أطلق عليه «مسبار الأمل». الإمارات العربية المتحدة ستكون واحدة من تسع دول على صعيد العالم تعمل لاستكشاف هذا الكوكب.
بالطبع، المهمة ليست سهلة وستكلّف مبالغ كبيرة، ولكن بالإرادة والتصميم اللازمين ستحقق الإمارات مبتغاها وهدفها الفضائي. اللافت للنظر هو أن المهمة التي حددها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تتخذ المسار السريع نحو الفضاء، وليس الوعد الطويل غير واضح المعالم. فسينطلق المسبار غداً، ومن المخطط له أن يصل إلى المريخ في عام 1921، تزامناً مع ذكرى مرور خمسين عاماً على قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة. كما يجري التخطيط والإدارة والتنفيذ للمشروع على يد فريق إماراتي يعتمد أفراده على مهاراتهم واجتهادهم لاكتساب جميع المعارف ذات الصلة بعلوم استكشاف الفضاء وتطبيقها.
تتجلى أهداف المهمة في بناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، والتأسيس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء لتوسيع نطاق الفوائد، وتعزيز جهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء لتعزيز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، وكلها أهداف ملأى بالطموح ومشروعة وتصب أولاً وأخيراً ليس في مصلحة الإمارات فحسب؛ وإنما في خدمة الوطن العربي ومكانته في العالم.
فالدعايات الحاقدة والمسمومة تستهدف الأمة العربية، وتصورها كمجموعة من المهتمين بقضاياهم الأنانية والشخصية، وأنهم بعيدون عن العلم ولا دخل لهم في الحضارة أو التقدم التكنولوجي؛ لذلك فإن كثيراً من الدول المغرضة والكارهة للعرب خاصة العدو الصهيوني، هي حقيقة منزعجة من الخطوة الإماراتية؛ لأنها تكسر التابوه الذي تحاول وضع العرب فيه، والمبني على التخلف.
نعم، ليس غريباً أن تتحول مهمة مسبار الأمل الإماراتي التاريخية لاستكشاف كوكب المريخ إلى حديث الساعة في تغطيات كبرى وسائل الإعلام العالمية، وذلك مع اقتراب الموعد المستهدف لإطلاق المسبار. فقد تحدثت وسائل الإعلام العالمية عن المهمة التاريخية للإمارات والعرب، مشيدة بالجهود التي بذلتها الدولة في سبيل الوصول إلى تحقيق الإنجاز المرتقب، والاستفادة من مجالات علوم الفضاء في الانطلاق نحو المستقبل. وقالت شبكة «سي إن إن» الأمريكية، إن دولة الإمارات تتأهب لمهمة الانطلاق إلى المريخ بمسبار «الأمل» لفك ألغاز مناخ «الكوكب الأحمر» وأسراره، مشيرة إلى أن المهمة بقيت على موعدها المقرر على الرغم من جميع التحديات التي فرضها انتشار فيروس كورونا.
من جهته قال موقع «دوتشيه فيليه» الألماني إن مهمة مسبار الأمل مصممة لبناء وتطوير قدرات الإمارات الفضائية، وتشجيع الابتكار المحلي، وإلهام الأجيال الجديدة المقبلة من العلماء مع أفق وظيفي رحب، ومستقبل مستدام. بدورها أوضحت شبكة «بي بي سي» الإخبارية، أن دولة الإمارات تتمتع بسجل مرموق في مجال السفر إلى الفضاء، حيث تمكنت العام الماضي من إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية، مضيفة أن قادة وأعضاء فريق مسبار الأمل الإماراتيين أعادوا تذكير العالم بالمخترعين العرب الذين كانوا يتصدرون مجال الاستكشاف العلمي قبل ثمانية قرون. أما صحيفة «جارديان» البريطانية، فقد أفردت على صفحاتها مقالاً لمهمة «مسبار الأمل» الإماراتي، أعربت فيه عن اعتقادها بأنه على الرغم من انشغال موسم صيف 2020 بالمهمات الفضائية إلى المريخ لكل من الصين والولايات المتحدة، فإن تلك لن تكون مثيرة للاهتمام بقدر «مسبار الأمل» الذي ستطلقه دولة الإمارات.
وأفادت الصحيفة بأن طموح دولة الإمارات في الفضاء الخارجي يعد أمراً رائعاً وجديراً بالملاحظة؛ نظراً لأن دولة الإمارات تأسست منذ 50 عاماً فقط، لكن طموحات أبنائها لامست الفضاء.
لا شيء يعوق مسيرة البناء والتنمية والتطور الحضاري في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا شيء يعوق الطموحات العلمية الكبيرة، وها هي دولة الإمارات على الرغم من الظروف والتحديات الصعبة لا تتوقف عن تنفيذ طموحاتها وبرامجها وخططها العملاقة. مبارك للإمارات، مبارك للعرب، مبارك للتقدم العلمي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"