الرواية اللامعة

03:12 صباحا
قراءة دقيقتين
علاء الدين محمود

على الرغم من أن الكثير من الروائيين العالميين، قد أنتجوا العديد من الأعمال السردية التي لقيت نجاحاً كبيراً وسط القراء، إلا أن هنالك دائماً رواية، عند البعض منهم، تأخذ نصيباً أكبر من الشهرة والانتشار، وربما لا تكون هي أفضل ما أنتجه صاحبها، لكن حظها الكبير من القبول عند النقاد والقراء جعلها في مقدمة أعماله، وهذه المسألة كان لها بالفعل تأثيرها الكبير في العديد من المؤلفين، حيث ظلوا ينسبون دائماً إلى عمل معين دون غيره من أعمالهم، لا يستطيعون عن ذلك فكاكاً، بل ويتم تقديم أحدهم أحياناً في المنتديات، أو في الكتابات الصحفية، بالروائي فلان صاحب العمل الفلاني.
بالطبع، هنالك روائيون قد اشتهروا برواية واحدة لأنهم لم يكتبوا غيرها، مثل: «بوريس باسترناك»، الذي كتب رواية «دكتور زيفاجو»، و«إميلي برونتي»، صاحبة «مرتفعات وذرنج»، وكذلك «مارجريت ميتشل»، مؤلفة «ذهب مع الريح»، ولكن هنالك من قاموا بتأليف روايات عديدة، إلا أن واحدة طغت على البقية، ولمعت دون غيرها.
وعلى الرغم من أن «إمبرتو إيكو»، قد أنتج عملاً سردياً عظيماً بحجم «بندول فوكو»، التي أصدرها عام 1980، إضافة إلى مؤلفات أخرى، إلا أن القراء ظلوا يحتفون بروايته «اسم الوردة»، التي صدرت عام 1988، ليس ذلك فحسب، بل كثير من النقاد يفضلونها على جميع أعماله، والمفارقة، أن «اسم الوردة»، قد اكتسبت قيمتها الأدبية من كونها محتشدة بالرؤى والأفكار الفلسفية، رغم أن هذا الجانب تحديدا كان أكثر عمقا في «بندول فوكو»، ولكن ظل «إيكو»، يعرف في المناسبات الثقافية بصاحب «اسم الوردة»، وكذا الحال بالنسبة لروائيين آخرين، فلا يمكن مقارنة الصدى الذي أحدثته رواية «مئة عام من العزلة»، ببقية أعمال «جابرييل جارسيا ماركيز»، وكذلك دائما ما يذكر اسم «فيكتور هوجو»، مقترناً برائعته «البؤساء»، وظل «إرنست هيمنجواي»، لا ينادى إلا بصاحب «العجوز والبحر»، وكذلك غطت رواية «الخيميائي»، على كل أعمال الكاتب «باولو كويلو».
وعربياً، فإن اسم الروائي الكبير الطيب صالح، ظل يقترن ب «موسم الهجرة إلى الشمال»، رغم أعمال أخرى بحجم «عرس الزين»، و«بندر شاه» و«دومة ود حامد»، وهي أعمال مميزة وذات قيمة عالية، وتكمن المفارقة في أن «موسم الهجرة إلى الشمال»، هي أولى رواياته، والمعروف أن الكاتب تتصاعد موهبته ويطور أدواته من عمل لآخر، ولكن ما حدث مع صالح، هو العكس تماما، حيث أودع رائعته تلك، كل إمكانياته ومواهبه السردية، وعلى الرغم من أن لطه حسين، أعمال روائية مثل: «ما وراء النهر»، و«شجرة البؤس»، لكن شهرة «الأيام»، طغت على تلك المؤلفات، وأيضا لا يذكر اسم الكاتب محمد شكري، إلا مقروناً ب«الخبز الحافي»، أو عبد الرحمن منيف ب«مدن الملح»، وكذا الحال بالنسبة للعديد من الروائيين العرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

صحفي وكاتب سوداني، عمل في العديد من الصحف السودانية، وراسل إصدارات عربية، وعمل في قنوات فضائية، وكتب العديد من المقالات في الشأن الثقافي والسياسي، ويعمل الآن محررا في القسم الثقافي في صحيفة الخليج الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"