«الأمل» نحو المستقبل

05:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
سليمان جودة

بين العرب من هو قادر على أن ينافس بقوة في الطريق إلى الكوكب الأحمر.

المبدأ المهم في علم المنطق يقول إن المقدمات تؤدي إلى نتائجها، والمبدأ الأهم في كتاب الحياه التي نعيشها يقول إنه لا شيء يأتي من فراغ.

وإذا بحثنا عن حدث كبير حولنا هذه الأيام، يمكن من خلاله ترجمة مبدأ علم المنطق المهم، ومعه مبدأ كتاب الحياة الأهم، فسوف يكون هذا الحدث هو عملية إطلاق «مسبار الأمل» الإماراتي إلى كوكب المريخ، التي ستجري على مرأى من العالم هذا الأسبوع، بعد أن أرجأها سوء الطقس أكثر من مرة.

هذا حدث في موضوعه ليس ككل الأحداث، وهو حدث في سياقه ليس ككل ما يجري حولنا، ويقع، ويدور، ثم إنه حدث يأخذنا إلى شيء فريد من نوعه.. شيء يقول إن بين العرب مَنْ هو قادر على أن ينافس بقوة في الطريق إلى الكوكب الأحمر.

أما لماذا كانت العملية ترجمة حية للمبدأين المشار إليهما، فلأنها جزء من سياق عام في دولة الإمارات التي تحرص على مخاطبة المستقبل، ولا تستجيب لكل ما يمكن أن يحول أنظارها إلى الماضي، إلا بقدر ما يكون التحول إلى هناك مفيداً في تعزيز خطواتها إلى الأمام.

ففي الخامس من هذا الشهر، كان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أطلق حكومة جديدة تقول لمن يتأمل تشكيلتها، إنها حكومة جاءت تتعامل مع زمن ما بعد فيروس كورونا، وإن العالم كله، إذا كان توافَق على أن ما بعد أيام الوباء سوف لا يشبه ما كان قبله، فإن هذه الحكومة قد خرجت إلى النور بينما هذا التوافق العالمي حقيقة قائمة أمام عينيها.

لقد كان لافتاً في حكومة ما بعد «كورونا» في الإمارات، أنها قد حولت خمسين منصة من منصات الخدمات الحكومية، إلى منصات رقمية تقدم خدماتها للناس على هذا الأساس، ولا تنساه.. وعندما يتحول هذا العدد من المنصات في هذا الاتجاه، فالأمر في مجمله سياق عام يفرز في الختام حدثاً من نوع المسبار الذي سيقطع سبيله في طبقات الفضاء خلال ساعات بالكثير.

ليس هذا فقط.. ولكن هناك تفاصيل أخرى تشكل معاً ملامح الصورة العامة التي يبقى «الأمل» معلماً من بين معالمها المضيئة.

وفي طريق هذه التفاصيل الشارحة، سوف نطالع أن في الحكومة الجديدة وزارة للتكنولوجيا المتقدمة، وأخرى للذكاء الاصطناعي، وإدارة للأمن السيبراني.. والثلاث مع بقية وزارات الحكومة تنتج أجواء عامة تجعل إطلاق «مسبار الأمل» نتيجة قائمة على مقدمات.

استوقفني في المسبار اسمه بالذات، بقدر ما استوقفني موضوعه الراغب في دراسة طقس المريخ، وخرائط الحياة عليه، لأن الاسم إذا كان يمثل الشكل، فهذا الأخير لا ينفصل في ظني عن الموضوع، وإنما يعيش قريناً له في كل الأحوال.

اختيار كلمة «الأمل» اسماً للمسبار يشير إلى أنها ليست اسماً وحسب، ولكنها عنوان في الوقت نفسه، وهي كذلك لأن ما يميز الأمل عمّا سواه أنه متجدد على الدوام، وأنه يولد لدى صاحبه طاقة متجددة طول الوقت، ثم إنه يجعلك تتطلع باستمرار نحو خطوة تالية كلما قطعت خطوة حالية، وهكذا بغير توقف، وبغير شك في قدرة الإنسان على الإنجاز.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"