أكثر من دعاية سوداء

03:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
مهرة سعيد المهيري

عندما نشاهد حولنا في الوطن العربي الانفجارات والخيانات التي مزقت الأوطان ندرك مدى أهمية الإجراءات التي تم اتباعها في وطننا الغالي. أن حماية الأوطان تتطلب الكثير من الشدة والمجهود من أبنائه قبل أي طرف أخر. إننا ندرك بأن الوطن العربي حولنا يمر بظروف قاسية وقاهرة تدفع ثمنها الشعوب والأوطان. ودُمرت حضارات وأمم. هنا فقط ندرك مدى أهمية المجهود الذي تقوم به قيادتنا حفظها الله. نحن كأبناء للشعوب الخليجية لم ندرك أسباب بعض القرارات الصارمة من قبل قيادتنا متمثلة في الضرب بيد من حديد لكل خائن، ندرك مجهود قيادتنا في أن نعيش في جنة الله وحولنا نيران مشتعلة.
وعلينا أن نقف بكل قوة وصلابة خلف مؤسسات الوطن وقياداته، الذين وكلهم الله عز وجل بزمام الأمور في هذه المرحلة الفارقة، ممتثلين أمر الله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ).
كما تشمل حماية الأوطان المحافظة على أسراره الداخلية وعدم التعامل مع أعداء الوطن، أو من يريدون به السوء، أو ينفثون سمومهم في أجواء المجتمعات بغياً منهم وعدواناً. إن قيادتنا تعي واجبها تجاه الوطن والشعب. الوطن كيان وهوية قبل أن يكون مكوِّناً ماديّاً. وإذا ما أدركنا «قيمة» الوطن، وأهمية الإيمان به، وبأن هذا الوطن ليس مجرد مأوى أو مكان نعيش ونأكل ونشرب فيه، فإنه ينبغي أن نجسد هذا الإيمان وهذه القيمة بالعمل والعطاء والإخلاص للوطن، كل في موقعه الوظيفي والاجتماعي، وبقدر ما يمكنه تقديمه من عطاء.
لن تُجدي الخطط الاستراتيجية والتصورات المستقبلية للخدمات والمؤسسات الوطنية وحدها ما لم يكن هناك إيمان وطني حقيقي لدى الأفراد القائمين على التنفيذ والتشغيل، وثقافة عمل جادة وصادقة، تنطلق من الإيمان بالله والإيمان بأن هذا هو حق الوطن وحق الأجيال القادمة، وأن الفرد أيّاً كان مستواه التعليمي ومركزه الوظيفي فإن قيمته في إخلاصه وعمله وعطائه؛ لأن هذا الوطن يستحق منا الكثير والكثير. تكمن قيمة الوطن في أنه ذلك الحضن، وذلك الجدار الحامي بعد الله، عز وجل، من شرور التدخلات وتصادم الحروب والمسببات، والتي تدفع ثمنها غالياً الشعوب، في لجوء وضياع ونحوه، فهنا لا يمكن لذلك المعاصر أن ينكر قيمة الوطن العزيز الذي فقد أمانه ومكانه اللذين ينعم بهما طوال حياته.
إن أية أزمة إذا طالت فإنها تفتح المجال لضعاف النفوس. وأزمات المنطقة لا تتوقف والآن تضرب العالم أزمات عالمية اقتصادية ومنها النفط، وصحية كما يحدث مع وباء «كورونا». المتقولون، السذج منهم والمأجورون، يتحولون إلى محللين سياسيين واقتصاديين واجتماعيين. يصيرون يفتون بكل شيء. وتتلقفهم بالطبع آلة الدعاية المعادية، من قلب الخليج للأسف في الدوحة ومن بعيد حيث البؤرة «الإخوانية» الإسطنبولية. وعندما نقول نفث السموم، فإننا نقصد الكلمة حرفياً.
ماذا يعني أن تستثمر في قلق الناس على مالهم وصحتهم؟ عندما تفبرك الأقاويل وتردد المعلومات المجتزأة، وتتصيد في أزمة عالمية معقدة تبدو حتى أكبر من قدرة العالم مجتمعاً على حلها بسهولة، فإنك تشتغل لهدف غير أخلاقي، وتعمل على تحويل حياة الناس إلى مادة قابلة للاحتراق.
هذا استهداف للأمن القومي، وينبغي التصدي له. والإعلام أداة مهمة في مواجهة هذا الأمر وكشفه بهدوء وموضوعية. وهذا يتطلب قدراً كبيراً من الشفافية في تناول التفاصيل التي يحاول المتقولون إعادة تقديمها بنسقهم. لا أعتقد أن الرد بعمومية والاكتفاء بالقول أن هذه داعية سوداء يكفيان. لا بد من الرد بالتفاصيل. هنا نستطيع خلق المناعة ضد هذه الدعاية، ونلتفت لنروي حكاية الصمود في وجه أكبر أزمة مرت على المنطقة والعالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"