«كورونا».. أفضل من المتوقع

02:27 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

انتهى موسم إعلان نتائج الشركات المساهمة في الإمارات، وهي نتائج تعكس إلى حد ما نتائج شركات القطاع الخاص في المجمل، في حين تكمن أهميتها، على غيرها من السنوات، في أنها كانت في فترة استثنائية بسبب تداعيات «كوفيد - 19»، لمعرفة مدى تأثر الاقتصاد بهذا الفيروس الذي شل إلى حد كبير اقتصادات العالم كبيرها وصغيرها.
الجانب السلبي بعد قراءة متأنية لنتائج شركاتنا المساهمة، يظهر أن الجميع تأثروا سلباً بهذه الجائحة، نظراً لغياب شركات التقنية ذات الأداء المتواضع لدينا، والتي كانت أكبر الرابحين عالمياً.
لكن الجانب الإيجابي يكمن في أن أغلبية الشركات، وعلى الرغم من ضخامة التأثيرات السلبية للفيروس، وما رافقها من فترات إغلاق كاملة للاقتصاد، استطاعت مواصلة تحقيق الأرباح، وإن لم تكن بمستويات العام الماضي، وخرجت من دون خسائر، وهو أمر إيجابي يسجل لها، باستثناء بعض هذه الشركات التي تكبدت خسائر لا تؤثر في هيكلها، إذ يمكن تعويضها في المستقبل.
النتائج المعلنة، وخاصة للبنوك التي تخضع لتدقيق المصرف المركزي ورقابته، أظهرت انخفاضاً يعادل في المتوسط نحو 30 في المئة مقارنة بالنصف الثاني من العام الماضي.
وإذا ما استثنينا الشهرين الأولين من العام، حيث كانت الأعمال طبيعية، فإن المتوسط المرجح لتأثيرات كورونا في أرباح الشركات سيكون نحو 50 في المئة تراجعاً، أي أن الجائحة قضت على نصف أرباح الشركات.
ما تقدم ليس جيداً، لكنه ليس بالسيئ كما يتصور البعض، فأزمة كورونا عالمية بامتياز، سواء من الناحية الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، وهي أزمة غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، فقد شلت سلاسل التوريد والاستهلاك العالميين، وغيرت طبيعة الأعمال جذرياً.
أما عن هذا المعطى، فإن خروج شركاتنا بأرباح أقل وليس بخسائر جسيمة فيجب أن ينظر إليه إيجاباً، وأن يحسب لقطاعنا الخاص الذي أظهرت الأزمة مدى مرونته وقوته، وأن يحسب أيضاً للسياسات الحكومية التي كانت مسانداً أساسياً له بحزم التحفيز وبرامج الدعم التي جرى تطبيقها، سواء من قبل الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية.
وإذا كانت بعض الشركات أسرعت فوراً إلى خفض النفقات، ولجأت إلى الاستغناء عن موظفين، فإن جزءاً كبيراً لم يفعل ذلك، قناعة منه أن الكادر البشري أساسي لاستمرار الأعمال، وفقدانه خسارة يصعب تعويضها عند عودة الأعمال إلى طبيعتها.
الموشرات تظهر بعد انتهاء فترات التعقيم الوطني التي استمرت أسابيع انتعاشاً ملحوظاً لحركة الأعمال في شهري يونيو ويوليو الماضيين، وهو ما يبشر باستمراره بعد ذلك، وخاصة مع بقاء أعداد كبيرة جداً من السكان هذا الصيف في الإمارات.
درس «كورونا» كان صعباً على الجميع، لكنه درس يقوي إمكانات وآفاق القطاع الخاص المحلي للمستقبل، ويظهر في الوقت نفسه مدى الحاجة إلى التركيز على مخرجات التقنية بأبعادها كافة، وهو أمر يمكن البناء عليه لنماذج الأعمال في المستقبل المملوء بالفرص التي أفرزها تحدي «كورونا».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"