كم فلسطينياً يعيش في إيران؟

04:26 صباحا
قراءة 3 دقائق
مهرة سعيد المهيري

ها هي إيران تعود إلى مهاجمة الإمارات، وهذه المرة بسبب قرار سيادي الهدف منه بالدرجة الأولى حماية الفلسطينيين من مشروع الضم الإسرائيلي.
تدعي إيران أنها حريصة على الفلسطينيين. ولا نعرف ماذا قدمت إيران للفلسطينيين. ما نعرفه أننا فتحنا أعيننا على هذه الدنيا والأخوات والإخوة الفلسطينيون من حولنا في المدرسة، والعمل، والشارع، معنا في رحلة العيش والتعايش المشترك. لا أعرف كم فلسطينياً يعيش في إيران؟ ربما وفد سفارة محمود عباس، ووفد حماس فقط.
ولا نعلم ما هي مبررات إيران لتهديد الإمارات. فسياسة الإمارات المرنة، ظلت قادرة على تحقيق توازن هش بين طهران، وخصومها، رغم التناقضات الكثيرة في المنطقة.
فالإمارات، على سبيل المثال، أيدت قرار الإدارة الأمريكية الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع من قبل القوى الكبرى مع طهران، في عام 2015.
كما أيدت الإمارات، مؤخراً، مجلس الأمن الدولي في تمديد حظر السلاح المفروض على إيران. وظلت حتى اللحظة تقف بوجه الحوثيين، حلفاء طهران في اليمن.
ومع كل ذلك، تقيم طهران علاقات تجارية واسعة مع الإمارات، هي في أشد الحاجة إليها في ظل العقوبات الأمريكية والدولية المفروضة عليها. ووفقاً لغرفة التجارة في طهران، لا تزال الإمارات رابع أكبر وجهة تصدير لإيران.
والمقاربات السياسية الإماراتية المرنة، تجلت بوضوح بعد مقتل الجنرال الإيراني، قاسم سليماني، وانفجارات السفن قرب ميناء الفجيرة العام الماضي، التي كادت أن تشعل المنطقة، خصوصاً بعد اتهامات صريحة من واشنطن والرياض لطهران بالوقوف وراءها.
إن إيران قد ترد على اتفاق السلام بين إسرائيل والإمارات، بتعزيز علاقاتها بأذرعها في المنطقة، مثل حركة حماس الفلسطينية.
لكن القضية الفلسطينية التي تتمسك بها طهران، كوسيلة لتعزيز نفوذها في العالمين العربي والإسلامي، لم تعد ورقة رابحة، في ظل انتقاد الأجيال الصاعدة في إيران لمواقف النظام الإسلامي، وضرورة إيلاء الاهتمام أولاً بالوضع الداخلي المتردي.
إن إيران من حيث الجوهر دولة أعيتها الحروب الطويلة، وسوء الإدارة، وتعدد الأعراق والملل التي تخضع كلها لهيمنة فارسية تسيطر باسم الدين، ومن هذا المنطلق عندما نشاهد التهديد الإيراني لدولة مثل الإمارات نسأل انفسنا نحن العرب سؤالاً واحداً، وهل إيران عدوة فعلية لإسرائيل، أم إن هناك ما هو معاكس؟ وسنذكر من خلال المساحة التي لن توفي الموضوع حقه العلاقة الإيرانية بإسرائيل.
يجب أن نذكّر أولاً بتاريخ العلاقات الدبلوماسية الإيرانية -الإسرائيلية، التي تعد في أحسن صورها في ظل نظام شاه إيران، محمد رضا بهلوي، حتى في ظل سلطة الملالي منذ 1979. فالجميع داخل إسرائيل، وإيران، يعرف أن كلا الطرفين لا يعتبر الآخر عدواً.
إن العلاقة الجيدة بين طهران وإسرائيل، لم ًتساعد نظام الملالي في الحفاظ على نفسه من التآكل بفعل التوترات الداخلية، فضلا عن فقدانه للعديد من الحلفاء تدريجياً.
وإن علاقات إيران بإسرائيل يحكمها من جانب إيران التوجه الأيديولوجي الذي يجعلها تتستر خلف الشعارات المعادية لإسرائيل والخطب الحماسية، سعياً لتحقيق الاستقرار الداخلي، والتفاف الشعب حول القيادة الإيرانية، وكذا تحقيق صدقيتها في المنطقة. ويحكمها أيضاً تغليب المصلحة الوطنية. في المقابل، تغض إسرائيل الطرف عن التصريحات الإيرانية المعادية لها في ضوء ما تساهم به إيران في تأجيج صراعات المنطقة وزيادة النعرات الطائفية، ما يهمش الصراع العربي - الإسرائيلي أمام هذه الصراعات.
ويعيش في إسرائيل نحو مئتي ألف يهودي من أصل إيراني، وهناك الكثير ممن تقلّدوا مناصب رفيعة في إسرائيل يتحدرون من أصول إيرانية.
إن حجم الاستثمارات الإسرائيلية في إيران يتجاوز الثلاثين مليار دولار، وهناك الكثير من الشركات الإسرائيلية تستثمر في مجال الطاقة داخل إيران، كما أن إسرائيل تستورد من إيران التين والتمر. وبالنظر إلى خلفية هذه العلاقات تبرز ثلاث محطات رئيسية، هي تاريخ بدء العلاقات بين الإيرانيين واليهود، ثم علاقات إيران بإسرائيل منذ نشأتها، وأخيراً علاقات إيران بإسرائيل منذ عام 1979.
فلتكتفِ ايران بنفسها، وتترك الخزعبلات والتهديد لدول تفوقها من الجوانب كافة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"