هل يدرك الكونجرس خطر الخيار صفر؟

محمد العريان - كبير الاستشاريين في أليانز
01:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد العريان
محمد العريان

أظهرت بيانات قطاع التجزئة انتعاشاً فوق التوقعات من خلال إضافة نمو بنسبة 1.2% خلال شهر يوليو/ تموز، أضيفت إلى 8.4% في الشهر السابق، ليتعافى المستوى العام لمبيعات التجزئة تماماً، من الانخفاض الحاد الذي تعرض له في شهري مارس-إبريل. وقد نجح في إنجاز انتعاش مثير للإعجاب على شكل حرف V، نظراً لأن الاستهلاك يمثل ما يقرب من 70% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويأمل الكثيرون في وول ستريت الآن أن يزداد الاستثمار بقوة قريباً، لترسيخ مثل هذه العودة للنشاط الاقتصادي ككل، بينما يرى آخرون أن البيانات تتفق مع توقعات أقل تفاؤلاً لاقتصاد الولايات المتحدة.
ومع ملاحظة الانخفاض في معدل التحسن، فإن هؤلاء يبدون قلقهم من أن أفضل مؤشرات الانتعاش صارت من الماضي، حيث عادت بعض المؤشرات الفرعية إلى مستويات صفرية.
ويكمن الخطر في أن التقارير الاقتصادية المستقبلية سوف تفشل في التوفيق بين هذه الآراء المتباينة التي تقارن بين المؤشرات الأولية والثانوية في سلسلة البيانات. ومع ذلك، فكلما طال هذا الاختلاف، زادت فرصة عدم استقرار الاقتصاد، واحتمالات الانكماش. ولفهم الأسباب والكيفية علينا أن ننظر إلى الطريقة التي تدور بها المناقشات في واشنطن.
ويرى المشرعون الجمهوريون أن التفسير الأكثر تفاؤلاً هو بمثابة ترسيخ لعزمهم على تأجيل مشروع قانون الإغاثة الجوهري الذي كان الديمقراطيون يناصرونه. ويذهب البعض داخل الحزب إلى أبعد من ذلك، بحجة أن مثل هذا التشريع من شأنه أن يقوض النمو الدائم بثلاثة طرق. أولاً، بتوجيه الحوافز المخصصة للبطالة لأولئك الذين يكسبون أكثر من خلال إعانات البطالة التكميلية التي تضاف إلى ما يحصلون عليه في العمل. ثم من خلال الإبقاء على الشركات غير الفعالة على قيد الحياة، وتشويه تخصيص الموارد وتقويض نمو الإنتاجية. وأخيراً، من خلال تشجيع التدخلات غير الفعالة في النشاط الاقتصادي من قبل الحكومات المحلية.
ويتخذ المشرعون الديمقراطيون وجهة نظر معاكسة، يدعمها رأي أقل تفاؤلاً بشأن نفس البيانات نفسها. ومن وجهة نظرهم فإن التعافي البطيء يحمل مخاطر تحويل المشاكل المؤقتة إلى مشاكل طويلة الأجل تكون أكثر تغلغلًا في هيكل الاقتصاد، وبالتالي فهي أكثر ضرراً ويصعب حلها. إنهم يرون أسباباً مقنعة وقوية لاتخاذ إجراءات بشأن التدابير اللازمة لتوفير الدعم الاستثنائي لمن هم عاطلون عن العمل وللشركات التي تعرضت لمخاطر الإغلاق، ولدعم حكومات الولايات التي تدير أعمالاً ضخمة لحسابها الخاص.
وعلى عكس الكونجرس، أعربت البنوك المركزية الرئيسية في العالم، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، مراراً، وتكراراً، عن وجهة نظر واضحة ومتسقة في مثل هذه المواقف لأكثر من عقد من الزمان. لقد ذهبوا إلى أبعد مما يمكن أن يصدر عن الكونجرس، حيث تبنوا ما يُعرف بمبدأ «ذهنية التأمين»، والتزموا بها.
وبدلاً من التورط في مناقشة فرضيتين متنافستين قد لا تحل البيانات غموض أي منهما في المدى المنظور، يجب على المشرعين أن يأخذوا في الاعتبار المخاطر المرتبطة بتبني موقف خاطئ في نهاية الأمر. ففي عالم «كوفيد-19» الغريب، يضمن نهج التأمين من منطلق «تجنب الندم» سهولة التراجع عما يمكن اعتباره، بعد فوات الأوان، خطأ فادحاً في الأفعال. وباختصار، ينبغي تبني خيار فاتورة إغاثة أضخم في أسرع وقت ممكن.
ومطلوب من الكونجرس ألا يذهب إلى أبعد مدى في اتباع نهج أدى، عن غير قصد، إلى وضع البنوك المركزية في موقف خاسر بعد سنوات من تكرار السياسة نفسها. ولا بد أن يعني تجنيب البنوك مأزق الخيار صفر، ميل المشرعين إلى مبدأ «تقليص الندم». إنها الطريقة الوحيدة للتأكد من أن المأزق الذي هم فيه لا ينتهي إلى نتيجة لا يريدها أي طرف، أي انكماش اقتصادي متجدد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"