الشارقة.. مسيرة التنمية والمعرفة

04:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد خليفة

المنجزات التنموية والمكتسبات الحضارية على مر التاريخ تقوم على أسس راسخة، ويُعد العلم عماد أي حضارة ذات قيمة عمرت دهورًا، ونقشت اسمها ومنجزاتها الخالدة في سجلات التاريخ العلمية والأثرية والمعمارية، فالعلم بأدواته وأساليبه ومنجزاته هو القدم التي تسير بها أي حضارة عظيمة كان لها نصيب من الذيوع، وحظ من الرسوخ على مر التاريخ بتقلباته وأحداثه الجسام التي تركت آثارها على وجه التاريخ القديم والحديث.
هذه الحقيقة الناصعة لم تغب عن مؤرخ سبر أغوار التاريخ بعقلية مفكر، وخبرة حكيم هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي أولى اهتماماً كبيراً بالعلم ما كان له أكبر الأثر في زيادة عدد الجامعات في الشارقة. فإلى جانب جامعة الشارقة، هناك الجامعة الأمريكية التي تحتل المركز السابع عربياً في قائمة QS ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم. ويوم 15 يونيو، صدر المرسوم الأميري بشأن إنشاء أكاديمية الشارقة للتعليم، وهي مؤسسة متخصصة بالتدريب والتأهيل الأكاديمي والمهني للمعلمين والقيادات التربوية. هذا الاهتمام الشديد بالعلم انعكس إيجابيًا على سائر الجوانب الأخرى في الإمارة فشهدت، في زمن المحنة وقبلها، حراكاً اقتصادياً واجتماعياً، فأعلنت عن مشاريع مالية، وحزم اقتصادية، وقرارات شجاعة وجريئة في ما يخص مستقبل الإمارة.
وقد كان الطموح عالياً والعزيمة قوية والإمكانات متاحة؛ فأطلقت دائرة المالية المركزية بإمارة الشارقة صكوكاً بقيمة أربعة مليارات درهم، لتعزيز السيولة النقدية للبنوك التي تتخذ من الإمارة مقراً لها لتمكينها من تقديم دعم مالي إضافي لقطاع الأعمال المتضررة من الظروف الاستثنائية الراهنة. وقد سبقت هذه الخطوة خطوة أخرى مماثلة في 31 مارس الماضي عندما أعلن المجلس التنفيذي للإمارة عن حزمة من محفزات حكومة الشارقة لدعم الجهات الحكومية والخاصة، وقطاعات الأعمال، والأفراد، بهدف تعزيز استمرارية التنمية في مختلف المجالات.
وتتمتع إمارة الشارقة باقتصاد قوي، وذلك في ضوء ما لدى الإمارة من إمكانيات على رأسها قطاع عقاري نشط، وأيضاً قطاع خدمات وفق أعلى المعايير العالمية خاصة في مجالات خدمات النقل البري والبحري والجوي. وقد أسهمت هذه الإجراءات، مع ضرورة تعزيز الانفتاح وفتح الأبواب أمام المستثمرين، في تسارع نمو الإمارة، وتحقيق مكانتها الاقتصادية العالمية. وقد تجلى ذلك في حركة عمرانية مستمرة أدّت إلى توسّع الحيّز العمراني، وفق مبدأ المدن المتكاملة، ففي كل حي أو منطقة تتوافر جميع الخدمات ما يهيئ للسكان أفضل مستويات الراحة والأمان.
وفي الوقت عينه تم التركيز على الاستثمار في قطاع الصناعة حيث ارتفعت نسبة المنشآت الصناعية في الإمارة، فقد أكد تقرير «الشارقة للاستثمار الصناعي»، الذي عرض خلال منتدى الإمارات الاقتصادي العام الماضي، أن الشارقة تمتلك أكثر القطاعات الصناعية استدامة، فهي تشكل قلب الصناعات التحويلية على مستوى الدولة، كما تمتلك أكبر مناطق صناعية متخصصة، إذ تضم 28 منطقة صناعية تمتد على مساحة 105 كيلومترات مربعة، فضلاً عن المدن الصناعية المتطورة. وفي ظل التوجه العام لدولة الإمارات لضمان الاستدامة مع الحفاظ على البيئة، فقد تم العام الماضي في مركز إكسبو الشارقة، إطلاق مشروع مدينة الشارقة المستدامة، الذي يمثل أول مشروع يلبّي أعلى معايير الاقتصاد الأخضر والاستدامة البيئية في إمارة الشارقة. وتبلغ تكلفة المشروع ملياري درهم ويمتد على مساحة 7.2 مليون قدم مربعة، ويضم 1120 فيلا متعددة المساحات بموقع استراتيجي بالقرب من منطقة الرحمانية.
وقد شهد الناتج المحلي للشارقة نموّاً مستمراً، ففي عام 2018 أكد تقرير أطلقته «مجموعة أكسفورد للأعمال»، بالتعاون مع هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير «شروق»، أن الناتج الإجمالي المحلي في الإمارة، بلغ أكثر من 25 مليار دولار، وأعلن التقرير نجاح سياسات التنوع الاقتصادي في الإمارة، مشيراً إلى مساهمة قطاع النفط والغاز في الناتج الإجمالي المحلي للشارقة.
إن الاعتزاز والفخر بهذه الإنجازات جاءا نتيجة حتمية للإنجازات المتوثبة في مختلف المجالات التنموية، لبناء وطن يسير جادة البناء والنماء. إنها وقفة تأمل وإعجاب في قدرة هذا الكيان الشامخ على البناء، وتخطي العوائق والصعاب والتغلب على كل التحديات بفضل الله، ثم بالإيمان القوي والوعي التام بوحدة الهدف، وصدق التوجه في ظل روح الانتماء للوطن والحفاظ على منجزاته الحضارية.
نسأل الله أن يحفظ قادتنا الأوفياء وأن يديم على هذا الوطن نعمة الأمن والاستقرار.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"