خمس ملاحظات على استراتيجية «الاحتياطي الفيدرالي» الجديدة

محمد العريان - كبير الاستشاريين في أليانز
02:04 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد العريان
محمد العريان
حدد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيرومي باول، في خطابه يوم الخميس أمام الندوة السنوية التي يعقدها المجلس تقليدياً في جاكسون هول، وايومنغ، أبرز معالم إطار سياسة البنك المركزي، وقد أفصح باول عما هو أكثر من مجرد توطيد وتوسيع نطاق التحول في استرايجية السياسة النقدية الذي اكتسب زخماً في السنوات القليلة الماضية، كما أنه أضاف معلماً رسمياً جديداً على دور البنوك المركزية العالمية، سوف يخضع للكثير من الجدل الذي لن يتم التوافق حوله في وقت قريب.
قبل صدمة «كوفيد-19» التي تعرض لها الاقتصاد، حظي إطار سياسة عمل المجلس الجديد، بقيادة نائب الرئيس ريتشارد كلاريدا، بدعم من نهج تشاوري أكثر انفتاحاً، بما في ذلك «سلسلة من جلسات الاستماع التي نفذها الاحتياطي الفيدرالي في جميع أنحاء البلاد»، على حد تعبير باول، وتركزت هذه المراجعة على الحاجة إلى تكييف السياسة النقدية مع «التحديات الجديدة الطارئة». وعلى وجه التحديد، أخذت المراجعة التي استمرت عامين، في الاعتبار تجارب انخفاض النمو المحتمل، ومعدلات فائدة عالمية أكثر انخفاضاً، وأفضل سوق عمل شهدناه في بعض المواسم، ومعدلات تضخم ضعيفة، وكانت النتيجة - تطوراً منضبطاً ذاتياً (على عكس التطور الثوري) للأهداف المزدوجة التي حددها الاحتياطي الفيدرالي - وتضمنت هدفاً أكثر شمولية لتحقيق أقصى قدر من التوظيف والاستخدام المرن، والذي يتيح معدلات تضخم متوازنة حول الحد المستهدف عند 2% لبعض الوقت، بعد الفترات التي كان فيها التضخم دون هذا المستوى.
هذه خلاصة ما جاء في خطاب رئيس المجلس ولي عليها خمس ملاحظات.
أولاً: حسب رؤية باول تسعى التغييرات إلى تعزيز فاعلية البنك المركزي في بيئة «الوضع الطبيعي الجديد» التي أصبحت، في نظر مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي، أكثر وضوحاً منذ طرح المفهوم لأول مرة في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وهذا يعني أن مسؤولي المجلس يضفون الطابع الرسمي على النشاط المتزايد من قبل البنك المركزي؛ لمواجهة خطر انهيار التوقعات التضخمية، وتعزيز التوظيف كوسيلة لجعل الانتعاش الاقتصادي أكثر شمولاً، مع الإشارة أيضاً إلى أهمية الحفاظ على الاستقرار المالي.
ثانياً: من المرجح أن يرحب العديد من المدافعين عن النظرية النقدية الحديثة، بإطار العمل الجديد، كخطوة كبيرة في تبني نهج السياسة الذي يسمح للاقتصاد بالعمل بنشاط أقوى لفترة أطول، ويمول عجزاً مالياً كبيراً بتكاليف منخفضة، ويزيد سرعة ارتفاع معدلات التضخم في ظل السياسة النقدية التحفيزية.
ثالثاً: هذا التوجه لا بد أن يسفر عن ارتفاع أصوات الذين يشعرون بالقلق بشأن التمادي والإفراط في تكليف البنك المركزي ما لا يطيق، فضلاً عن تآكل استقلاليته وفاعليته، وهناك أيضاً مخاطر تتعلق بالسمعة في السعي وراء هدف تشغيلي أكثر جرأة بعد الفشل المتكرر في تقديم متغير أقل طموحاً، وفي إضفاء الطابع الرسمي على نهج يخاطر بتوسيع الفجوة بين وول ستريت وعامة الشعب.
رابعاً: سوف تنظر الكثير من قوى السوق وفاعلياته إلى الإطار الجديد على أنه متعب وشاق، وهو حتى الآن لا يزال حذراً ومتوقفاً على تطور البيانات الاقتصادية، ولا شك أنه يعزز ثقة المستثمرين في دعم السيولة الوافر والمتوقع، ما يزيد من انفصال أسعار الأصول عن أساسيات الاقتصاد وواقع الشركات الحقيقي.
خامساً: حتى لو اعتُبر هذا النهج ضرورياً لتحقيق نتائج اقتصادية أفضل - فيما يتعلق على وجه الخصوص، بالنمو المرتفع والشامل على نحو مستدام دون وجود فقاعات مالية معطلة - فمن غير المرجح أن تكون التغييرات كافية في حد ذاتها. وسيظل الاحتياطي الفيدرالي معتمداً بشكل كبير على قدرة الكونجرس والإدارات المتعاقبة على الحفاظ على سياسات أكثر دعماً للنمو، لا سيما متابعة التدابير والإجراءات المتخذة عندما تتعارض السياسة المالية مع الإصلاحات الهيكلية التي تعزز نمو الإنتاجية بالتزامن مع انعدام الأمن الاقتصادي للأسر.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"