أتمتة أم تعذيب؟

05:16 صباحا
قراءة دقيقتين


جمال الدويري

أتمتة الخدمات، والكثير من البرامج والوظائف، تحتاج إلى جيل قادر على مواكبتها، ويعرف كيفية التعاطي معها بسلاسة وسهولة، وقبل كل شيء، أن يكون واثقاً بها.
الخدمات التي نتحدث عنها هنا، نوعان، بعضها تقدمه الحكومة. والأكثر، هي تلك التي يقدمها القطاع الخاص، وفي المقارنة نجد أن الحكومة تقدمت بأشواط على «الخاص» وأصبحت خدماتها ميسّرة وسهلة إلى جانب موثوقيتها التي ليس فيها أي جدال.
الخدمات الراقية، وما إن تلجها لتقدم طلبك أو احتياجاتك إلا وتدلّك بسهولة على ما تريد وترشدك بكل يسر إلى الخيارات المتاحة، وترسل إليك أرقاماً ورسائل نصّية، لتأكيد الدخول وساعته، ومن بعدها ترفقها لك بـ«إيميل» أو ما شابه، لتطمئنك إلى أن العملية تمت بنجاح.
أما بعض الخدمات الأخرى، فما إن تدخل إليها، حتى تجد نفسك في دوامة من الجهل وعدم المعرفة والضياع، والتنقل بين «دهاليز» تسفر في نهاية المطاف، إلى اتصال مع الجهة المعنية، لأجل حل المشكلة أو التوصل إلى تسوية مرضية.
أتمتة الخدمات، قصد منها بلا شك إراحة الناس، لكن بعض الخدمات وللأسف تجد أنها «خدمات هواة» لا تلبّي الرغبات ولا تحقق المطلوب، بل تستهلك وقت المستخدم وجهده، ثم يعود إلى الطريقة التقليدية.
الأمثلة على هذا الشأن أكثر من أن تذكر، وللأسف أكبر قطاع يشتكي منه الناس، ما يتصل بخدمات المستشفيات والمدارس والتأمين، وعلى رأسها خدمات البيع على الأسواق الإلكترونية، وعمليات التبديل والترجيع التي غالباً ما تسفر عن لا شيء.
الخدمة المؤذية التي يتباهى الجميع بها الآن، وأصبحت «موضة» ومن لا يوفرها يكون متخلفاً، خدمة «المساعدة الافتراضية»، عبر تطبيقات المحادثة، التي غالباً ما يكون الحوار معها أشبه بـ«حوار الطرشان»، وبعد شدّ وجذب وحالات تشنّج، يصل المتصل في نهاية المطاف إلى أن يعود إلى الموظف حتى يحلّ المشكلة، وغالباً ما يكون هذا المسكين متنفساً لعصبية المتصل الذي أضاع نصف يومه للحصول على خدمة.
أما الخدمة الثانية التي باتت تقلق الناس أيضاً، هي «المجيب الآلي» الذي يردّ على اتصال الشاكي، أو صاحب الخدمة، ويبدأ معه حواراً ليس له أول من آخر.
طالب الخدمة من القطاع الخاص قد يكون محتاجاً إليها بأسرع وقت ممكن، وعلى هذا القطاع أن يعي حجم العبء الملقى على كاهله، ليتحسن ويتطور؛ فما معنى أن تدخل مع مجيب آلي مع شركة تأمين، للحصول على موافقة على عملية جراحية مستعجلة، أو تدخل كذلك في حوار مع مدرسة خاصة، لتحلّ مشكلة «شيك» أو تسأل عن ابنك.
الخدمات يجب أن تكون اسماً على مسمّى، والقطاع الخاص يجب أن يكون مؤهلاً، لا ينفرد بالناس بحجة: «هذا ما لديّ»، بل يجب أن يراقب ويحاسب.

jamala2daralkhaleej.ae

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"