هل الوقت مناسب للحديث عن الرسوم؟

02:18 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

قبل عامين ونصف العام تقريباً، وتحديداً في فبراير/ شباط من العام 2018، كتبت في هذه الزاوية مقالاً بعنوان «الرسوم الحكومية.. وأسواقنا» وجد ردود فعل إيجابية لدى القطاع الخاص المتأثر من هذه الرسوم وصدى حميداً عند الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية التي اتجهت بعد ذلك التاريخ بأسابيع إلى إعادة النظر بتلك الرسوم نحو إما تجميد زيادتها لثلاث سنوات، أو تخفيضها أو تخفيض بعضها.
خلال اليومين الماضيين، عاد المقال ذاته إلى التداول بين أوساط المستثمرين عن طريق ال«واتساب»، فيما أخذ طريقه للنشر عبر وسائط التفاعل الاجتماعي، على أساس أنه مقال جديد كتب في الساعات الماضية.
لماذا مقال كهذا عاد مجدداً إلى الواجهة وكأنه يتحدث عن زمننا الآني؟ الأمر ببساطة سببه أن القطاع الخاص مازال يعتقد أن الرسوم رغم تجميدها أو انخفاض بعضها ما زالت مرتفعة، خاصة أن الأسواق تمر منذ ستة أشهر تحت ضغوط تداعيات «كوفيد-19» ما أثر سلباً في العائدات والأرباح التي دخل بعضها في خانة السلبية.
من الطبيعي أن يواصل التجار أو المستثمرون المطالبة بخفض الرسوم الحكومية مجدداً ومجدداً، لكن هل يمكن أن يتم ذلك بعد سلسلة من المحفزات التي طرحتها الحكومة قبل وخلال «كورونا»، وهي حوافز تكلفها مبالغ ضخمة بالمليارات.
وإذا انطلقنا من المثل المعروف «إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع»، فإن الإنصاف يدفعنا للقول إنه من الصعب بمكان إطلاق موجة جديدة من خفض الرسوم الحكومية، لأنها المورد الأساسي لدخل معظم الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية أيضاً، وهي الممول الأساسي للصرف على الموازنة التي تشمل دوائر خدمية لا تستطيع تغطية نفقاتها من دخلها، كالصحة والأمن والخدمات الاجتماعية والبنية الأساسية وغيرها.
دخل الحكومات هذا العام تعرض وما زال يتعرض لضغوط واسعة بسبب «كوفيد-19»، الأمر الذي أدى إلى انخفاض العائدات الآتية من الرسوم، بسبب التوقف المؤقت للأنشطة الاقتصادية وضعف توسع الأنشطة المختلفة، في الوقت الذي زادت فيه أوجه الإنفاق بمعدلات كبيرة على قطاعات الصحة والخدمات لمواجهة «الجائحة».
أمام هذا المعطى المفصلي الناجم عن «كورونا»، فإن الحديث عن مزيد من خفض الرسوم الحكومية يصعب الآن، لأن موازنات هذا العالم ستخرج بعجز، وهو ما يستدعي الاقتراض لتمويل هذه العجوزات للحفاظ على إنفاق من شأنه أن يبقي الخدمات المقدمة من الحكومة عند مستوياتها المتقدمة، ويسرع في الوقت ذاته من دوران الحركة الاقتصادية.
على القطاع الخاص وهو أدرى بمعطيات السوق ونبضه أن يقرأ بشكل واضح حجم الالتزامات المترتبة على الحكومة في الوقت الحاضر، وحجم الخسائر التي تكبدتها من دخلها المفقود، وألا يغيب عن باله أنه حقق مكاسب كبيرة جداً في سنوات الانتعاش، فلا ضرر إن «شدَّ الحزام» لبعض الوقت.
اقتصاد الإمارات مبني على شراكة حقيقية وفاعلة بين الحكومة والقطاع الخاص، والأخير عليه أن يقسو على نفسه أكثر للخروج سريعاً من الوضع الحالي، كما تفعل الحكومة الآن لتوفير موارد جديدة للإنفاق.. الكل في قارب واحد وعلى الجميع التعاون للوصول إلى بر الأمان بسرعة وسلامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"