السفر.. وعشق المطار

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين

جمال الدويري

عشق المطار لا يقتصر على كثيري الأسفار، بل هو مرتبط بالنفس البشرية التوّاقة إلى الحرية، والراحة، والشوق إلى الأحبة.
هل يعلم المطار أن له محبين؟ هل يعرف أن له عشاقاً متيمين بإجراءاته وبأصوات المناداة على طائراته، وقضايا الحقائب والحجز، وكل ما يرتبط به من تفاصيل؟
هل تعلم الطائرات أنها مراسيل الحياة، وأن التحليق فيها يبعث في النفس الفرح، وأنها حين تحمل ركّابها فوق السحاب، قد تنزع منهم الهموم التي يتركونها على الأرض؟
السفر، أياً كان، له وجدانياته ومشاعره، سواء كان براً، أو بحراً، أو جواً، ولكل من هذه الأسفار قصص وحكايات. وإن كان بعضها يحمل ألماً، فإنها في آخر المطاف ذكريات، وحكايا تروى.
مساكين كثيرو الأسفار والمهمات المكوكية، قد تكون صدمتهم من إقفال المطارات أكبر بكثير من قاصدي الاستجمام السنوي، الذي حوّله بعضهم إلى فصليّ، لحبهم للطائرات، والسفر، وبالتأكيد فإن شوقهم للمطار أكثر بكثير من أولئك المشتاقين إلى أهلهم، وأحبّتهم، لأن الأخير يفرغ طاقته في ما هو ذاهب إليه، ولكن محبي الأسفار فإن متعتهم في السفر نفسه.
مطارات العالم أغلقت لأشهر، وإن بدأت الحياة تدبّ فيها من جديد، إلا أنها ما زالت محفوفة بالمخاطر، وإجراءات طويلة مرتبط بفيروس كورونا، وما فرضه على الدنيا من تعقيد، وتخبّط، وحجز مؤسسي، ومنزلي، وأسوار وتطبيقات ليس لها أول، ولا آخر، ولكن بما أنها قد بدأت تتسقبل عشاقها ومريديها، فإن الحياة بلا شك بدأت تدبّ فيها، على أمل أن تعود إلى كامل ألقها قريباً.
لكل رحلة طائرة قصة، وفي قلب كل راكب حكاية، ولكل مسافر مهمة، فإما أنه أقلع ليستجم، أو للقيام بعمل قد يحبه، او للقاء حبيب من والدين وأهل وأصدقاء، أو قد يكون محلّقاً لإلقاء آخر نظرة على محبّ قد انتقل إلى بارئه.
في السفر حكايات وحكايات، وكثُرٌ من قالوا عنه أجمل العبارات، وإن كان أجملها:
يتعين عليك أحياناً السفر بعيداً للعثور على ما هو قريب..
من لم يرَ إلّا بلده يكون قد قرأ الصفحة الأولى فقط من كتاب الكون..
لفا تتمّ فائدة السفر إلّا إذا انتقلت النفس من شعورٍ إلى شعور، فإذا سافر معك الهمّ فأنت مقيمٌ لم تبرح..
السفر يقهر التحيّز والتعصب ويشقّ الأفق..
لا تسمع ما يقولون، بل اذهب لترَ..
رحلة إلى الخارج تساوي قراءة ألف كتاب..
السفر يتركك صامتاً، ثم يحوّلك إلى قاصّ..
السفر أمتع من الوصول، والتخطيط للسفر أمتع من السفر..
ومن أجملها أيضاً:
كل الوجوه مسافرة، أو على شفا سفر.
أما فوائده، فقد أجملها الشاعر:
تَفَريجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
فليكن السفر إذاً، لهذه جميعاً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"