مناقصات ومزايدات «كورونية»

04:27 صباحا
قراءة دقيقتين
عبدالله محمد السبب

«وزارة الصحة ووقاية المجتمع؛ تُجْري ... فحصاً ضمن خططها لتوسيع نطاق الفحوصات، وتكشف عن .... إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد، و .... حالة شفاء، وتسجيل ... حالة / أو دون تسجيل أي حالة وفاة خلال ال 24 ساعة الماضية»..
هكذا هو الدأب الإجرائي اليومي لوزارة الصحة ووقاية المجتمع، بما تمارسه من شفافية معلوماتية عن المستجدات الناجمة عن جائحة «كورونا»، وبما يجب على أفراد المجتمع أخذ المعلومات المصرح بها بعين الجِد، والعمل على اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.
وهكذا هو الشأن الشائك ل«كوفيد 19» الذي يمارس دوره الوبائي كما لو أنه يدخل في نطاق الممارسات التجارية من حيث عمليتا البيع والشراء بالطرق الحيوية الكبرى (المزايدات والمناقصات)، حيث دخول «كورونا» في حلبة التنافس التجاري: عبر «المزايدات»، حيث الممارسة التجارية التي تتم في حالات البيع، سواء بعطاءات الأظرف المغلقة أم بفتح أبواب المزايدات العلنية.
و«المناقصات»، حيث الممارسة التجارية التي تتم في حالات الشراء التي تتطلب توريد مواد أو خدمات، أو تنفيذ مشاريع بناء أو صيانة أو ما إلى ذلك؛ ما يتطلب توافر سرية العطاءات عبر أظرف مغلقة لا تفتح إلا في مواعيد محددة من الطرف الطالب للخدمة أو للمواد أو صاحبة المشروع المرتقب؛ لكن الوضع هنا غير متكافئ، فحائز العطاء هو «كوفيد 19» يقدم خدمة غير مرغوب فيها، ومتلقي الخدمة الإجبارية هو «الإنسان» المغلوب على أمره بإقدامه مستسلماً لمصيره بتسلّم الخدمة هذه دون أن يجرؤ على قول (لا)، إلا من رحم ربي، وتسلح بما ينبغي له من احترازات تجنّبه وتجنّب خاصته والمجتمع الذي يتعايش فيه، خسارات في الصحة والسلامة والأرواح التي هي أمانة لا بدّ أن نعتني بها ونحفظها من شرور أنفسنا ومن تقلبات الدهر.
ففي الحياة، ثمة ما يدعو إلى التفاؤل للعيش بسلام وأمان وسعادة واستقرار، وآخر يدعو إلى التشاؤم؛ وهي سنّة الله في خلقه.. فمنهم من يستعين على نوائب الحياة بالإيمان بالقدر خيره وشره، مع التسلح بالصبر وسلامة التفكير، ومنهم من يستسلم لهواجسه بما يجعله لقمة سائغة لليأس وللإحباطات الحياتية المتعددة، المتكررة أحياناً والمتجددة أحياناً أخرى.
نعم، ف «ما أضيقَ العيش لولا فسحةُ الأمل»، وما أحوجنا إلى التفاؤل الذي هو ضرورة حتمية لممارسة الحياة بما يجعلنا في دائرة الديمومة المعيشية، ولعل ما هو كائن بيننا من مخاطر مصدرها «كوفيد 19»، تتطلب منّا المزيد من الحيطة والحذر حتى لا نقع في قبضته التي لم تتوصل المجتمعات الدولية قاطبة لأسلحة مقاومة له، لتخليص من وقعوا فرائس سهلة في محيطه الموبوء بالعدوى والاعتداءات على أمن البشر وطمأنينتهم في أرجاء الخريطة الجغرافية العالمية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"