هل تفقد الأسهم زخم السيولة؟

محمد العريان - كبير الاستشاريين في «أليانز»
01:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
محمد العريان
محمد العريان

وهنت حماسة المستثمرين الأفراد لشراء الأسهم وقت الانخفاض بانتظار مزيد من الانخفاض في الأسعار وبالتالي انجذاب المستثمرين المؤسساتيين، بعيداً عن ظاهرة استغلال الفرصة قبل فوات الأوان.

تسلط حركة السوق المتقلبة خلال الأيام الماضية الضوء على سؤال مهم للمستثمرين هو: هل فقدت الأسواق جزءاً من زخم السيولة مكنتها من تجاهل عدد من المؤثرات السلبية وعززت ارتفاع الأسهم إلى عدد من المستويات القياسية واحداً بعد الآخر؟ هذه القضية صارت أكثر أهمية نظراً لاستمرار حالة عدم اليقين التي تواجه حزم الإغاثة المالية وارتفاع أرقام طلبات إعانات البطالة في التقرير الأخير الذي صدر يوم الخميس.

عند النظر في بيان مجلس الاحتياطي الفيدرالي والمؤتمر الصحفي الذي عقده رئيسه جيرومي باول يوم الأربعاء، تجد أنه كانت هناك إشارات على استراتيجية دعم أسعار أقل تأثيراً من سياسة التحفيز التي ساهمت في تدفق المستثمرين الأفراد. وعلى الرغم من أن تأثير حزم الدعم لا يزال ملحوظاً، إلا أنه يتقلص تدريجياً من السوق الأوسع، ليقتصر على مجموعة ضيقة من الشركات.

ومع ذلك ظلت شهية المستثمرين المتشككين الذين يصرون على تحدي ما يعتبرونه تقييمات مرتفعة، مكبوتة بسبب تجربتهم وتقديرهم لضخ السيولة الوفير والمتكرر من بنك الاحتياطي الفيدرالي. ولم يكن ذلك فقط لأن الاحتياطي الفيدرالي أبقى على كلفة الرافعة المالية والاقتراض منخفضة للغاية، بل لأنه كان يشتري تريليونات الدولارات من الأوراق المالية (بما في ذلك السندات عالية المخاطر)، حيث حفز المستثمرين على التحول من السندات الحكومية إلى الأصول عالية المخاطر. لقد ولّد الدعم المتكرر الذي وفره الاحتياطي الفيدرالي للأسواق المالية، تكييفاً عميقاً لمستثمري «شراء الأسهم وقت الانخفاض» وعزز عقلية «اقتناص الفرص قبل فوات الأوان».

وقد تبخرت المشاعر الإيجابية في السوق يوم الأربعاء، على الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي تعرض مرة أخرى للأصول عالية المخاطر ببيان سياسي أكثر تشاؤماً. وكان هناك من المبررات ما يكفي للشعور بالتشاؤم،منها اللهجة التحذيرية التي استخدمها باول وطريقة تناوله للسياسة المالية المستقبلية. وتضمنت إجاباته عن الأسئلة حول فاعلية أدوات البنك المركزي للوفاء بتحقيق هدف التضخم الفعلي الأكثر طموحاً، مؤشرات على التناقض بين خصوصية توقعات سياسة أسعار الفائدة «المرتفعة» وشراء الأصول «المنخفضة»، وحول التحديات التي تواجه برنامج إقراض يستفيد منه كافة أفراد الشعب، والتوقعات الخاصة بالاستقرار المالي. وهذا يضيف إلى القلق طويل الأمد من أنه كلما كان الاحتياطي الفيدرالي أكثر تشاؤماً، قل احتمال اتفاق المشرعين في الكونجرس على حزمة إغاثة جديدة.

وبما أن الاحتياطي الفيدرالي سيقف بشكل أساسي على الهامش لمدة شهرين تقريباً - من المقرر عقد الاجتماع المقبل للجنة الأسواق المفتوحة يومي 4-5 نوفمبر - قد يشعر المستثمرون الأكثر تشككًا بالراحة حيال إقدامهم على تحدي التقييمات المرتفعة. ويبدو أن ما شهده السوق من شد وجذب يوم الخميس يقدم دليلاً على هذه التوقعات. فقد وهنت حماسة المستثمرين الأفراد لشراء الأسهم وقت الانخفاض بانتظار مزيد من الانخفاض في الأسعار، وبالتالي انجذاب المستثمرين المؤسساتيين، بعيداً عن ظاهرة استغلال الفرصة قبل فوات الأوان.

ولا بد أن يعيدنا ذلك إلى التركيز على أهمية أساسيات الاقتصاد والقرارات السياسية. ولكي تكون التقييمات المرتفعة مستدامة، سوف تحتاج إلى مزيد من التحقق من صحتها من خلال تحسين أساسيات الاقتصاد والأنشطة العملية. وتشير أرقام طلبات إعانات البطالة مرة أخرى، إلى أن الانتعاش الاقتصادي قد يستمر، ولكن بوتيرة بطيئة جداً مقارنة بما هو ممكن وما هو مطلوب.

وما لم يتولَ الكونجرس مسؤولية اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب لدعم كل من جانبي العرض والطلب في الاقتصاد، فإن المخاطر تزداد بسبب فقدان السوق قوة الدفع السابقة التي وفرتها السيولة. وما هو مطلوب بشكل عاجل أيضاً، من أجل الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، انتعاش قوي دائم وشامل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"