عادي

أرمينيا وأذربيجان.. حرب بلا نهاية

02:24 صباحا
قراءة 3 دقائق
* عن «اللوموند»

يوم الأحد 27 سبتمبر/ أيلول، اندلعت اشتباكات جديدة بين أرمينيا وأذربيجان حول منطقة ناجورنو كاراباخ. وقتل عدد من المدنيين والجنود. وقال رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، على فيسبوك: «أحث جميع الأفراد على التواجد في الثكنات العسكرية». وقبل ذلك بقليل، كانت رئاسة منطقة كاراباخ أصدرت «الأحكام العرفية والتعبئة العامة لمن هم فوق 18»، خلال جلسة استثنائية للبرلمان المحلي.

وعد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بالنصر، وأكد أنه «سيطر على منطقة استراتيجية، وأن الجيش الأذربيجاني يقاتل اليوم على أراضيه ويدافع عن وحدتها ويوجه ضربات مدمرة للعدو. قضيتنا عادلة وسنفوز». وقال رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، خلال خطاب أذاعه التلفزيون الوطني، أن «النظام الاستبدادي (الأذربيجاني) أعلن الحرب مرة أخرى على الشعب الأرمني»، وقد يكون لذلك «عواقب غير متوقعة»، ويمتد إلى ما وراء القوقاز.

قلق دولي

وفي يوليو الماضي، أثار القتال عبر الحدود بين أرمينيا وأذربيجان قلق المجتمع الدولي. لكن حجم هذا التصعيد الجديد، مع فرض الأحكام العرفية في أرمينيا، وأذربيجان، يثير المخاوف من حرب مفتوحة حقيقية بين البلدين. وتعتبر منطقة ناجورنو كاراباخ بمثابة صراع الأجداد بين البلدين، وقد يؤدي إعادة فتحه إلى تدخل القوى المتنافسة في منطقة القوقاز، روسيا، وتركيا.

هذه الاشتباكات هي الأخطر منذ عام 2016، عندما كادت الاشتباكات المسلحة حول كاراباخ تتحول إلى حرب مفتوحة بين يريفان، وباكو. وهذا ما دفع روسيا وكذلك باريس والاتحاد الأوروبي، يوم الأحد الماضي، إلى الدعوة لوقف إطلاق النار، بينما قدمت تركيا دعمها لأذربيجان، بحجة «العدوان الأرمني».

وفي عام 1936، رسم السوفييت الحدود لإنشاء ثلاث جمهوريات اشتراكية سوفييتية: جورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا. وتم إنشاء الحدود، على الرغم من وجود خليط كبير من السكان في أذربيجان، وأرمينيا. وبقيت منطقة «ناجورنو كاراباخ» التي غادرها السوفييت في أذربيجان في وضع متنازع عليه منذ البداية بالنسبة للأرمن، وهي الأغلبية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، في هذه المنطقة.

30 ألف قتيل

وفي عام 1988، أعلن أرمن «ناجورنو كاراباخ» انفصالهم. لكن مع سقوط الاتحاد السوفييتي ساء الوضع. وفي نهاية عام 1992، اندلع قتال واسع النطاق ونتج عن حرب «ناجورنو كاراباخ» ما يقرب من 30 ألف شخص. لكن وقف إطلاق النار غير المستقر، الذي تم توقيعه في عام 1994 بتدخل روسي، يُنتهك بانتظام، ومنذ ذلك الحين، حاولت السلطات الأذربيجانية استعادة السيطرة على المنطقة، بالقوة إذا لزم الأمر.

محادثات السلام كانت تمر في مأزق منذ سنوات عدة بين يريفان، وباكو، لكن هذا الوضع الراهن هو أيضاً نتيجة للعبة بين قوتين، روسيا وتركيا، مدفوعتين بمصالح جيواستراتيجية تنافسية. والمعروف إن تركيا - المعادية دائماً لأرمينيا - ترفض الاعتراف بالإبادة الجماعية التي ارتكبتها الإمبراطورية العثمانية عام 1915، على العكس من أذربيجان، التي تشترك معها في جذورها اللغوية، والقومية. لكن تركيا لديها قبل كل شيء طموحات إقليمية تعود إلى عهد الإمبراطورية العثمانية، والتي أثارها قبل أيام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

من ناحية أخرى، فإن أرمينيا الأكثر فقراً هي أقرب إلى روسيا، التي لديها قاعدة عسكرية فيها. وتنتمي يريفان أيضاً إلى تحالف سياسي عسكري بقيادة موسكو (منظمة معاهدة الأمن الجماعي).

روسيا دعت من جهتها إلى «الوقف الفوري لإطلاق النار وبدء المفاوضات من أجل استقرار الوضع». وفي هذا الصراع، لا يزال دور روسيا غامضاً، خاصة أنها تعتبر الحليف التقليدي لأرمينيا، التي تزودها بالكثير من معداتها العسكرية، وحيث توجد قواعد عسكرية، تشترك روسيا أيضاً في التقاليد المسيحية الأرثوذكسية نفسها. فضلاً عن ذلك اقتربت موسكو في السنوات الأخيرة من أذربيجان، لا سيما من خلال مبيعات كبيرة من الأسلحة.

وعلى الصعيد الدولي، تؤكد باريس «مع شركائها الروس والأمريكيين التزامها بالتوصل إلى تسوية تفاوضية ودائمة للنزاع» في هذه المنطقة «وفق القانون الدولي».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"