«هاري بوتر» من جديد

02:29 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

الشخصيات الخالدة، الرموز والنماذج التي يتشبّه بها الناس، ويقلدونها، الأسماء التي نحفظها، وتنتقل من جيل إلى جيل، كأنها موروث نحرص على الحفاظ عليه.. دلالات كثيرة تؤكد أهمية الفن وقدرته على التأثير في الناس، وفي المجتمعات؛ ويبقى هذا التأثير موصولاً ومستمراً مهما تبدلت الأزمنة، وتغيرت الأذواق، والتقنيات. هناك سحر يستمر مفعوله من جيل إلى جيل، وحكايات نحسب أنها للطفولة، أو للشباب، فإذا بها ترافقنا ونفرح لاستعادتها، ونستمتع بمشاهدتها مجدداً مع أبنائنا.
«هاري بوتر» تلك السلسلة الخيالية الساحرة، التي كتبتها ج. ك. رولينج، دخلت التاريخ من أكثر من باب؛ وها هي تعود إلى الصدارة مجدداً مع وضع تمثال يجسد بطل الرواية الذي أصبح أشبه بالأسطورة الخيالية، هاري بوتر، وعصاه السحرية «نمبوس 2000»، في ساحة ليستر في لندن. بوتر انضم إلى قائمة شخصيات الأفلام الخالدة خلال ال100 عام الماضية في بريطانيا، وهو يستحق هذا التكريم والتخليد، لأنه استطاع أن يسحر أجيالاً، ويحتفظ ببريقه رغم كل أفلام الخيال العلمي، وحكاياتها الحديثة التي تستخدم التقنيات الحديثة، والأبعاد السينمائية في إبهار جمهورها.
ومنذ صدور الكتاب الأول عام 1997 «هاري بوتر وحجر الفيلسوف»، وحتى صدور الجزء السابع والأخير عام 2007، وأعداد المعجبين في تزايد مستمر؛ حتى أطفال اليوم يجددون قراءة تلك القصص، ويبحثون عن الأفلام لمشاهدتها، ويزيّنون صفحاتهم بعبارات من «هاري بوتر»، أو رموز من هذا العالم الساحر.
في عام 2008 تجاوزت مبيعات ج. ك. رولينج من هذه الكتب ال500 مليون نسخة، فأصبحت السلسلة الأكثر مبيعاً عبر التاريخ. ولعبت أفلام «هاري بوتر» دوراً مهماً في دعم الكتب، وزيادة الترويج لها، وتعلق الناس من مختلف الأعمار بها. الشخصية أصبحت خالدة، بسبب تعلق الجمهور والقراء بها، ولأن مواصفات النجاح اجتمعت في تلك السلسلة من حيث الكتابة، إلى التشويق، ثم الصناعة السينمائية، والإخراج، والتمثيل.. كل تلك التفاصيل جعلت من «هاري بوتر» عالماً قائماً بحد ذاته، له ملايين المعجبين، ومنهم من لا يكتفي بشراء كتاب، أو عصا ،أو ميدالية، أو أي قطعة ترمز لمتعلقات بوتر، بل يسافر إلى لندن لزيارة «المدرسة» التي تم بناؤها وتصوير السلسلة فيها. واليوم، صار لعشاق بوتر مكاناً آخر يقصدونه، والتقاط صورة بجانب التمثال الجديد يعني لهم الكثير.
وفي الوقت الذي يعبّر فيه الناس عن مدى تأثرهم بشخصيات السلسلة، هناك جانب آخر «للتأثر» بهاري بوتر، وبينما يحسد الأطفال والشباب دانيال رادكليف على تجسيده لشخصية البطل الأسطوري، لدرجة أن ملامح رادكليف صارت هي ملامح هاري بوتر، وليس العكس، تركت هذه الشهرة المبهرة أثراً سلبياً في حياة دانيال. فقد اخترقت طفولته، وحوّلته سريعاً إلى نجم محروم من أي خصوصية، يتتبعه الناس في كل مكان، وينادونه باسم هاري بوتر. التوتر ومطاردات الناس ألقت بدانيال في هاوية إدمان الكحول، التي سارع إلى الخروج منها، كما يقول. وبقدر ما أحببنا هاري بوتر، بقدر ما كرهها بطلها، وتأذى منها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"