«أرابتك»..

02:39 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

الإعلان الأبرز الذي استرعى اهتمام المستثمرين، خاصة المعنيين بأسواق الأسهم، كان ولا يزال، إعلان «أرابتك» عدم قدرتها على الاستمرار ومن ثم التوجه إلى التصفية بعد عقود من عملها في قطاع الإنشاءات، وبعد أن كانت لفترة من الزمن تتسيّد تنفيذ مشاريع نوعية، من حيث الضخامة والجودة.
هل السبب في فشلها بعد هذه السنوات، هو الإدارات المتعاقبة على الشركة، أم أحوال سوق الإنشاءات، أم طبيعة عمل القطاع ذاته المعرّض لتأرجح الأسعار وفروق العقود بعد الإنجاز، أم تأخر الدفعات، أم قلة المشاريع، أم أنظمة التدقيق المتبعة، أم كل الأسباب السابق ذكرها؟
المهم أن سوق الإمارات سيفقد شركة إنشاءات كبيرة، كان يعمل لديها في يوم من الأيام أكثر من 30 ألفاً بين مهندس وموظف وعامل، والأهم أن المستثمرين فيها من مؤسسات وأفراد هم أكبر الخاسرين، حيث سيفقدون أموالهم، إذ إن عائدات التصفية ستكون من حق الدائنين أولاً سواء البنوك أو الموردون، وما تبقى - إن وجد شيء - يذهب لهم كمساهمين.
لا نريد أن نحمّل الأمور أكثر مما تحتمل، لناحية الرقابة الحكومية والمدققين (الخارجيين والداخليين)، فالأمر قد حدث لتنضم إلى بضع شركات متعثرة في سوقنا المالي الذي يضم أكثر من 100 شركة مدرجة تعمل في قطاعات متعددة.
إفلاس الشركات في عالم الأعمال والبورصات أمر شائع، ومهما تكن الرقابة مشددة، فهناك العشرات من المؤسسات التي تفلس يومياً في نيويورك أو لندن أو هونج كونج، أو غيرها من مدن العالم، كبيرة وصغيرة، وتلك الشركات تمتلك قاعدة مساهمين بمئات الآلاف، ويبقى على المستثمر البحث والانتقاء بين الغث والسمين، فهذا قراره أولاً وأخيراً حيث يتحمل وحده النتائج.
هل يعني إفلاس شركة أو أكثر في سوقنا المالي، أننا في وضع سيّئ أو صعب؟ من المؤكد لا، ففي مقابل ذلك هناك عشرات الشركات الناجحة المستقرة ذات الملاءة القوية التي نجحت في أن تدر الأرباح على مدار عقود، ومستقبلها يبشر بالخير ضمن أوضاعها الحالية رغم ما يعترض هذا المسار من تحديات.
الاستثمار في الأسهم يجب أن يتم على أساس العقل وليس العاطفة، والاختيار بين سهم وآخر يكون على قاعدة التحليل وليس ما يعرف بسياسة «القطيع»، والدخول والخروج من السهم لا يفترض أن يتما على أساس الشائعات، بل عبر قراءة الموازنات.. هذه قواعد أساسية للاستثمار في أسواق المال، بغض النظر عن الموقع الجغرافي للبورصة، وللأسف يخفق فيها البعض أو الكثيرون غالباً.
الأسهم عندنا - على الرغم من غياب «النضج والعمق» - تبقى قناة استثمارية مهمة وضرورية، لأن عائداتها أفضل من كثير من المجالات الاستثمارية، مع تدني أسعار الفائدة وتراجع دخل العقار ومحدودية المجالات الاستثمارية المتاحة في أسواقنا.
يبقى اختيار المستثمرين هو المحدد الأساسي لنجاح تجاربهم أو فشلها، مع عدم استثناء الحاجة المستمرة لتطوير أسواق أسهمنا لناحية التشريعات والرقابة ومتابعة أداء الإدارات بشكل أكثر فاعلية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"