عادي

أردوغان متورط في الحرب

02:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
بوبي جوش *

نجا تحالف المصالح بين رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين من تضارب المصالح في سوريا ولبيبا، لكنه يواجه اختباراً أكثر صرامة في القوقاز، حيث أدى تبادل إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان إلى وضع قادة تركيا وروسيا على طرفي نقيض.

تاريخياً، كانت المنطقة تشهد تداخلاً بين النفوذ الروسي والتركي، ولكن في العقود الأخيرة كانت اليد العليا لموسكو. وعلى الرغم من أن جمهوريات القوقاز تحررت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، إلا أن روسيا تعتبر نفسها الشرطي الإقليمي الذي يفرض العقوبات ويحقق السلام كما يراه الكرملين مناسباً.

واستوعبت أنقرة بعض مناورات موسكو في المنطقة الواقعة بين البحر الأسود وبحر قزوين، فعلى سبيل المثال، حرص أردوغان على عدم التدخل بسياسات بوتين عندما غزت روسيا جورجيا في عام 2008، إلا أن أذربيجان مسألة أخرى.

إن العلاقة بين تركيا وأذربيجان لا تتعلق فقط بالتاريخ والدين واللغة، ولكن أيضاً بخطوط أنابيب النفط والغاز الطبيعي، التي تعتبر ضرورية بالنسبة لطموح أردوغان في جعل بلاده ممراً للطاقة لا غنى عنه بين بحر قزوين وأوروبا. وقد انحازت تركيا باستمرار إلى مطالبات أذربيجان في إقليم ناجورنو كاراباخ، وهي منطقة ذات أغلبية أرمنية. وعندما انهار الاتحاد السوفييتي، سيطرت أرمينيا على المنطقة الجبلية في الإقليم، إلى جانب سبع مناطق مجاورة.

وتوسطت روسيا في اتفاقية وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان في عام 1994، وبقيت المنطقة منذ ذلك الحين تحت السيطرة الأرمنية، لكن معترفاً بها دولياً على أنها تابعة لأذربيجان. وعلى الرغم من وساطة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا، لم يتمكن البلدان من الوصول إلى اتفاق سلام دائم.

وحالياً يبذل الرئيس الأذري إلهام علييف جهوداً حازمة لإنهاء الأزمة بالوسائل العسكرية، ويدعمه في ذلك أردوغان علانية. ويلقي الزعيم التركي اللوم على الحكومة الأرمنية في تصاعد حدة المواجهات في ناجورنو كاراباخ، ويصف ذلك بأنه أكبر تهديد للسلام في المنطقة، كما دعا الأرمن إلى الوقوف ضد قيادتهم.

إن الدعم التركي لأذربيجان ليس مجرد دعم خطابي، حيث أجرت الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة الشهر الماضي، وذلك بعد أن خلفت المناوشات مع أرمينيا العديد من القتلى والجرحى بين صفوف القوات والمدنيين الأذريين. ولدى القوات التركية وجود في قاعدة عسكرية في أذربيجان، في حين تعهد أردوغان بتحديث المعدات العسكرية الأذربيجانية وتزويدها بمعدات جديدة بما في ذلك طائرات بدون طيار وصواريخ.

من جانبها تبيع روسيا الأسلحة لكلا الجانبين، لكنها تميل نحو أرمينيا، حيث لديها قاعدة عسكرية هناك. إلا أن بوتين حريص على إعادة البلدين إلى طاولة المفاوضات، وقد امتنع عن إلقاء اللوم على أي من الجانبين في القتال. ومن الواضع أن بوتين ليس راضياً عن تصريحات أردوغان، ولن يتسامح مع أي تدخل عسكري تركي في هذه القضية.

ويدرك بوتين أن حكومة أردوغان منهكة بالفعل بسبب تدخلاتها العسكرية في ليبيا وسوريا وكذلك دورها في المواجهة الجيوسياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط، كما أن التدخل في منطقة القوقاز سوف يجهد الاقتصاد التركي، الذي يعاني بالفعل من ضائقة شديدة، إذ هوت الليرة إلى مستوى منخفض جديد على خلفيات احتمال تورط البلاد في الحرب الأذرية الأرمنية.

وأردوغان الذي ألزم نفسه بالقضية الأذرية، سيجد صعوبة في الخروج من مأزقه. وأفضل أمل أمامه لحفظ ماء وجهه هو أن يمنحه بوتين مقعداً على طاولة المفاوضات. لكن ذلك قد يتطلب من الرئيس التركي تقديم تنازلات في مجالات أخرى تتعارض فيها أهدافه مع «صديقه العزيز» في موسكو.

* كاتب ومؤلف أمريكي (بلومبيرج)
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"