متحف للبشرية

04:25 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

لطالما ارتبط اسم المتاحف عبر التاريخ بما هو قديم أو أطلال، ونتهيأ حين الحديث عن أي منها لسماع ذكريات وترحّم على من سبقنا من أسلاف، أو التخيل ورسم صورة لما فاتنا من حياة وتجارب، ولكن هل تخيلنا يوماً أن نزور متحفاً يضم في جنباته «اعتبار ما سيكون».
هنا يحدث ذلك.. ففي دبي قاب قوسين أو أدنى من إطلاق متحف فريد من نوعه في العالم، متحف يسبر المستقبل ويجول في مخيلاته، ويتنبأ بأفكاره، يتميز بأنه يوفر حاضنة للأفكار والتكنولوجيا المستقبلية، ووجهة عالمية للمخترعين تمكنهم من التعرف إلى التكنولوجيا المستقبلية التي ستغير حياة الناس.
في كل بقاع الدنيا، تنتشر «المتاحف» تجذب الزائرين، وتتنوّع بين التشكيل والخط والنحت والتراث، وحتى الموسيقى والصحافة.. فلو بدأنا باللوفر، ومايضم، ومررنا بقوس النصر، ثم بلزاك، هذا في فرنسا، أما إيطاليا، فلدينا متحف الفاتيكان، ومتحف الحضارة الرومانية.. وفي بريطانيا ومصر، وسوريا والعراق.. والقائمة لا تنتهي، ولا نستطيع تعدادها أو الحديث عنها في هذه الزاوية. وكل هذه المتاحف تضمّ مشاهد تخلّد حضارات سادت ثم بادت، ومهمتها تعريف الناس بما كانت تمثله، وما أنجزته وقدمته للبشرية، وهذا أمر في غاية الأهمية معرفة وثقافة واطلاعاً.
الإمارات تخطت هذا العرف والتقليد، وصنعت متحفاً يحاكي المستقبل، أيقونة هندسية عالمية، لكن بلسان عربيّ مبين. فهو يضمّ سبعة طوابق توظف في فضائها الداخلي أحدث تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز وتحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والتفاعل الآلي البشري لتضع في متناول الزوار تجارب غامرة تجيب عن الأسئلة الملحة المتعلقة بمستقبل الإنسان والمدن والمجتمعات البشرية والحياة على كوكب الأرض وصولاً إلى الفضاء الخارجي.
فضلاً عن ذلك، فتصميم نموذج للاستدامة في التصميم الإبداعي المستقبلي، حيث صممت واجهته الخارجية من زجاج متطور صنّع بتقنيات جديدة خصيصاً لتحسين جودة الإضاءة الداخلية والعزل الحراري الخارجي. كما استخدمت مصابيح الإضاءة الموفرة لاستهلاك الطاقة LED تمتد في الألواح الخارجية بطول 14 كيلومتراً تمنح واجهته مظهراً جذاباً خاصة في الليل.
صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أكد أن «متحف المستقبل يمثل أيقونة معمارية وهندسية عالمية ستسخّر لبناء معجزات بشرية قادرة على استخدام المتحف لبناء مستقبل أفضل». مشيراً إلى أن المتحف «قطعة إماراتية من مستقبل هندسة البناء».
وقال إن متحف المستقبل يتحدث العربية ويجمع بين أصالتنا العربية وطموحاتنا العالمية، وهو أيقونة هندسية عالمية.
لا عجب في أن تنتقل دبي هذه النقلة الرائدة، فالإمارات التي لديها من التاريخ والحضارة الشيء الكثير، فإنها تحرص على أن تمازج بين هذا، ومستقبلها لتستشرف الخمسين عاماً المقبلة، بمتحف ربما يوفر لزائريه رؤية ما ستكون عليه حياتهم في قادم الأيام.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"