الأزمات العربية والانتخابات الأمريكية

04:17 صباحا
قراءة 3 دقائق
عبدالله السويجي

الانتخابات الرئاسية الأمريكية ال59 التي ستنطلق في الثالث من الشهر المقبل، تشغل الدوائر السياسية والقطاعات الاقتصادية في العالم، وتبني على نتائجها سياسات لا تخرج عن نطاق التمنيات، بمعنى أنها تفترض بالرئيس القادم ممارسة سياسات إما لمصلحتها، وإما ضدها، وتعتقد أنها ستؤثر في العالم أجمع، سلماً، أو حرباً. فمنها من تتمنى فوز المرشح الجمهوري، وأخرى تأمل فوز الديمقراطي. ولعل العالم العربي المنهمك بأزماته المستدامة، أكثر من ينشغل بهذه الانتخابات لاعتقاده أن نتائجها ستؤثر في مسارات الأزمات والأنظمة، وحتى الزعامات، بينما تُعد هذه الانتخابات محلية، وليست عالمية، أي أن البرنامج الذي يقدمه المرشح، أو الوعود التي يعد بها الناخبين تركز في جوهرها على القضايا المحلية، كالضرائب، والبرامج الصحيةن وفرص العمل، ولا تلعب السياسة الخارجية دوراً مؤثراً في النتيجة، لأن هواجس المواطن الأمريكي العادي محلية، وليست عالمية.

فالموضوع الصحي والضمانات الاجتماعية أهم من حل الأزمات الساخنة في العالم، وللأسف، فإن معظم الأزمات موجودة في العالم العربي، وبقيت على حالها مع تناوب الرؤساء الأمريكيين منذ سنوات طويلة، فإذا أخذنا في الاعتبار أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستجري بالتزامن مع انتخابات مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، فإنه من السهولة بمكان رسم صورة لها بأنها ستكون محلية، وتركز على الشؤون الداخلية، فلا العلاقة الأمريكية الصينية، أو العلاقة الأمريكية الإيرانية، أو القضية الفلسطينية، وعملية السلام في الشرق الأوسط، ستلعب دوراً في اختيار الرئيس، فالرئيس ترامب يشبه المرشح الديمقراطي، جو بايدن، في الأثر الذي سينعكس على العالم، لأن صناعة السياسة الأمريكية العليا لا يقررها الرئيس، وإنما المؤسسات والمصالح العليا للدولة.

ولو تأملنا في ما فعله الرئيس ترامب خلال السنوات الأربع في البيت الأبيض، والخير الذي جلبه للعالم العربي، سنجد النتيجة متواضعة جداً، فالأزمة السورية على حالها، والأزمات العراقية في زيادة، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي يراوح في مكانه. ورغم الوعود الكثيرة التي قدمها ترامب، فقد فشل فشلاً ذريعاً ليس في تطبيق برامج السلام ومبادراته المقترحة، بل فشل في الإعلان عنها، وظل يلعب على فكرتي حل الدولتين، وأحياناً الدولة الواحدة، في حين نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وصادق على ضم الجولان.

ولا نعتقد أن جو بايدن، المرشح المنافس والمرجح فوزه، سيغيّر كثيراً من السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، والعالم العربي، ويكفي أنه كان نائباً للرئيس أوباما الذي اندلع في عهدهما يسمى«الربيع العربي» الذي أظهر التنظيمات المتطرفة التي استباحت المدن، والأرياف، والبنى التحتية، وأرواح البشر، والشجر، ومن يدري، قد يكمل بايدن ما بدأه أوباما من زعزعة الحياة السياسية في العالم العربي، فقد سبق له أن صوّت لمصلحة غزو أفغانستان عام 2001، والعراق عام 2003، وجميعنا نعلم بالنتائج المدمرة للغزوتين، كما سبق له أن انتقد ترامب لسحبه القوات الأمريكية من سوريا، وأعطى الضوء الأخضر لتركيا لشن هجوم عسكري ضد الأكراد السوريين، أما الغريب في الأمر فإنه صوّت ضد اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، وبالنسبة للقضية الفلسطينية فهو من أشد الداعمين لإسرائيل، ولهذا وحسب نتائج استطلاع معهد الانتخابات اليهودي في الولايات المتحدة فإن 67% من الأمريكيين اليهود يؤيدون بايدن في الانتخابات الرئاسية.

الاعتماد على نتائج الانتخابات الأمريكية مضيعة للوقت، فحلّ الأزمات العربية يجب أن يكون عربياً، فلبنان الذي ينتظر ما بعد الانتخابات ليشكل حكومة ستزداد أمامه فرص الانهيار التام، وكذلك العراق وسوريا واليمن وليبيا. ونرى أن الحلول يجب أن تأتي من الداخل وليس من الخارج، لأن الأزمات داخلية، ومحلية بحتة، وتتعلق بالخدمات التي تقدمها الحكومات، فلا علاقة لترامب، أو بايدن، بتوفير الكهرباء، ومحاربة الفساد في لبنان، والعراق، أو استمرار النزيف في سوريا.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"