السلام الغائب بين الكوريتين

04:05 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

حاول رئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، تبديد الجمود القائم في العلاقة مع الشمال باقتراح على الولايات المتحدة يقضي بالعمل معاً لإنهاء الحرب في شبه الجزيرة الكورية، والتأسيس لسلام فعلي يقوم على التعاون بين الأطراف الثلاثة، بيد أن ذلك سيتوقف على نتيجة الانتخابات الأمريكية وما إذا كان الرئيس دونالد ترامب سيظل في البيت الأبيض أم سيرحل.

حديث الرئيس الكوري الجنوبي عن ضرورة خطة للسلام يتزامن مع إعلان بيونج يانج عن عرض عسكري «تاريخي»، بمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حزب العمال الحاكم، سيتضمن أسلحة استراتيجية مطورة حديثاً، بينها صواريخ عابرة للقارات وذخائر فتاكة. وتمهيداً لهذا العرض المثير، أعرب الزعيم الشمالي كيم جون أون، عن إحباطه من حصول تقدم ضئيل في مفاوضات نزع السلاح النووي مع الولايات المتحدة. فقد ظل هذا الملف مجمداً أشهراً طويلة ولم يطرأ عليه جديد؛ بل إن لغة التوتر هي السائدة طوال تلك الفترة، ولم تخترقها غير برقية المواساة والتعاطف التي بعث بها كيم إلى «صديقه الحميم» ترامب بعد إصابته بفيروس كورونا. ولا شك في أن هذا التعاطف يؤشر إلى أن صلات الوصل بين الطرفين لم تنقطع ويمكن أن تزداد سخونة إذا فاز ترامب بولاية ثانية الشهر المقبل، وهو ما وعد به في حملته الانتخابية. وحتى لو فاز المرشح الديمقراطي جو بايدن، فيمكن للمفاوضات أن تجري بين البلدين، ولكن بأولويات مختلفة عن منطق الإدارة الجمهورية، وأخذاً في الحسبان طبيعة العلاقة التي ستكون مع الأطراف ذات الصلة بالأزمة، وهي أساساً بكين وموسكو وطوكيو.

وسواء كانت الإدارة الأمريكية ديمقراطية أم جمهورية، فلن تتمكن واشنطن من الدفع بإبرام معاهدة تُنهي الصراع بين سيؤول وبيونج يانج دون أخذ في الاعتبار مصالح اللاعبين الآخرين. فقبل أيام دعا وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الانتقال «من الأقوال إلى الأفعال» لتسوية الوضع في شبه الجزيرة الكورية وتقديم تنازلات من الطرفين. وقبل ذلك أعلن رئيس وزراء اليابان الجديد يوشيهيدي سوجا عن استعداده للقاء كيم جونج أون، دون أي شروط مسبقة في مسعى لتسوية القضايا الثنائية بالغة الحدة بين البلدين. أما الصين وهي اللاعب الأخطر، فمازالت تحتفظ بأوراقها، وقد لا يستقيم في الأمر شيء إذا تناقض أي اتفاق مع مصالحها الحيوية في الإقليم والعالم.

تعيش الأزمات في مسارات هبوطاً وصعوداً وهدوءاً وتصعيداً. وعلى أساس هذه القاعدة، ربما عادت أزمة شبه الجزيرة الكورية إلى حالتها العادية بعد أشهر من إقدام بيونج يانج على تفجير مكتب الارتباط مع الجنوب وانتهاجها خطاباً متوتراً، وقد تكون الدعوة الصادرة عن الرئيس الكوري الجنوبي والإشارات القادمة من اليابان، منصة جديدة يمكن الانطلاق منها لوضع مقاربة مختلفة لتفكيك «القنبلة الموقوتة» المزروعة في جنوب شرقي آسيا منذ 70 عاماً، ووضع نهاية رسمية للحرب بين شطري كوريا، وبعدها ربما سيجد كل طرف مآربه، وقد تتحقق الوحدة الكورية بالسلام بعد أن غيّبته الحرب طويلاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"