بانتظار 3 نوفمبر

03:22 صباحا
قراءة دقيقتين
يونس السيد

ثلاثة أسابيع فقط، باتت تفصلنا عن الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني، حيث يتوجه الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، وحيث يترقب العالم نتائج هذه الانتخابات الأكثر جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، والأكثر تأثيراً في أجندات مختلف الدول في الساحة العالمية.

وأياً يكن الفائز في هذه الانتخابات، سواء كان ترامب أو بايدن، فإنها ستشكل فاصلاً بين زمنين أو مرحلتين، باعتبار أن ما بعد الثالث من نوفمبر لن يكون كما كان قبله، هذه المرة، فمن جهة، ستشكل هذه الانتخابات اختباراً جدياً للديمقراطية الأمريكية، التي أصبحت في موضع شك، بعد تفرد ترامب في اتخاذ القرارات، ورفضه الالتزام بالتداول السلمي للسلطة وتصريحاته المتواترة مسبقاً عن التزوير بسبب التصويت عبر البريد الإلكتروني، وحديثه عن أن نتائج الانتخابات لن تعرف قبل شهور وما إلى ذلك. ومن جهة أخرى، ستضع مصداقية الولايات المتحدة على المحك، بشأن الحريات وحقوق الإنسان التي طالما اعتبرت نفسها راعية لها، ومنشأ تصديرها إلى العالم، والأهم مصداقية سياستها الخارجية وعلاقاتها التحالفية، خصوصاً مع الشركاء التاريخيين، وكيفية تعاملها مع التوترات الدولية وإطفاء بؤر الصراع المتفجرة في الساحة الدولية.

من الواضح أن ترامب، في حال فوزه بالانتخابات، لن يكون هو نفسه كما كان قبلها، بمعنى أن هذه الشخصية الشعبوية التي وصلت إلى البيت الأبيض في عام 2016 وأثارت جدلاً كبيراً حول كل قراراتها ونهجها السياسي، ستواجه واقعاً مختلفاً على الصعيدين الداخلي والخارجي، سواء بسبب جائحة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد والسياسة ومختلف مناحي الحياة، وما يتطلبه ذلك من إعادة بناء على كل المستويات، أو لأن العالم تغير كثيراً عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات. وبالتالي فإن ترامب، على سبيل المثال، الذي أوصل علاقات بلاده مع الصين إلى حافة الحرب، سواء على خلفية جائحة كورونا، أو على خلفية الحرب التجارية والعقوبات المتبادلة، لم يستبعد، في حال فوزه، نزع فتيل كل هذه التوترات والعودة لإقامة علاقات ودية مبنية على التعاون مع هذه القوة الاقتصادية والعسكرية الصاعدة في العالم، كما أنه لم يسقط إمكانية التفاوض مع إيران حول اتفاق نووي جديد، أو اعادة إحياء الاتفاق النووي مع كوريا الشمالية. وهذه مؤشرات مهمة إلى إمكانية حدوث التغيير، ما يعني بالمحصلة أن ترامب، في حال فوزه بولاية ثانية، سيكون أكثر تحرراً، خصوصاً في مجال السياسة الخارجية، وإعادة ترميم العلاقات مع الأصدقاء والأعداء، بما في ذلك روسيا والصين والشرق الأوسط عموماً وشركاؤه الأوروبيون وفي حلف «الناتو»، بعد أن تصدعت هذه العلاقات وتفككت إلى حد التلويح بفرض عقوبات متبادلة بين الحلفاء، الأمر الذي يضر بمصالح الجميع.

وبالمقابل، فإن مجيء بايدن سيكون بدوره، مؤشراً إلى التغيير، ليس فقط باعتباره سياسياً تقليدياً متناقضاً مع ترامب في كل شيء تقريباً، وإنما باعتباره ممثلاً لبرنامج الحزب الديمقراطي المختلف جوهرياً مع نظيره الجمهوري، وبالتالي فإن التغيير قادم لا محالة في الحالتين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"