عادي

مستقبل الطاقة والتكنولوجيا في المنطقة

21:25 مساء
قراءة 3 دقائق
خالد سالم

خالد سالم *

 

منذ اعتماد اتفاق باريس للمناخ في عام 2016، تتسارع وتيرة الجهود المبذولة من أجل إرساء مجتمع منخفض الكربون. وفي ظل مساعي دول العالم لتعزيز قدراتها في مجال الطاقة من خلال تبني طرق مستدامة، تظهر مكانة الشرق الأوسط كمنطقة ذات أهمية كبيرة بهذا المضمار في السنوات القادمة، وذلك من حيث مزيج الطاقة الذي تستخدمه وريادة تقنيات الطاقة النظيفة. وقد شهدت المنطقة زيادة كبيرة في الاستثمار بهدف نمو الطاقة المتجددة خلال عام 2018، حيث أشارت تقديرات جمعية الشرق الأوسط لصناعة الطاقة الشمسية أن الاستثمارات المجمعة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تصل قيمتها إلى تريليون دولار بين 2019-2023 بهدف توفير مصادر طاقة بديلة أكثر كفاءة وصديقة للبيئة من المصادر القائمة.

تستهدف حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة استثمار 600 مليار درهم بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة وضمان تحقيق النمو المستدام لاقتصاد الدولة. وقد زادت الإمارات محفظتها من الطاقة المتجددة بأكثر من 400% خلال العقد الماضي، وحددت لنفسها هدفاً طويل الأجل لزيادة حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الإجمالي إلى 50% بحلول عام 2050 وخفض البصمة الكربونية لتوليد الطاقة بنسبة 70%.

وفي غضون ذلك، تهدف دبي إلى تنويع مزيج توليد الكهرباء ليشمل 25% من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، ونسبة 75% بحلول عام 2050، وتركز بقوة على الطاقة والمدن والاستثمارات والتقنيات الخضراء.

ومع ذلك، فإن توليد الطاقة المتجددة لا يزال يتسم بالتذبذب والانقطاع. إلا أن إمدادات الغاز الطبيعي تساهم في التغلب على هذا التحدي مع القدرة أيضاً على دعم مبادرات حماية المناخ والبيئة، مما يجعلها مكوّناً جوهرياً في مزيج الطاقة. وتتميز محطات الطاقة التي تعمل بالدورة المركبة للتوربينات الغازية بالمرونة في الأداء، إذ تتيح أوقات تشغيل/ إيقاف سريعة وإمكانية مواكبة للارتفاع/ الانخفاض السريع في الأحمال، فضلاً عن الكفاءة العالية في استهلاك الوقود والتوافق نسبياً مع شروط حماية البيئة. 

وتبرز أهمية الهيدروجين كعنصر فعّال في مجال الطاقة. فاستخدام الهيدروجين في توليد الكهرباء لا ينبعث منه سوى بخار الماء، وليس ثاني أكسيد الكربون. وعلاوة على ذلك، يساعد الهيدروجين في التخلص من الكربون في محطات الطاقة التقليدية المُدارة بالغاز، حيث يتم تجريب أساطيل التوربينات الغازية الحالية لحرق الهيدروجين الممتزج بالغاز، بهدف الوصول إلى تكوين غاز وقود الهيدروجين بنسبة 100%، وبحد أدنى من التعديلات على تكنولوجيا التوربينات الغازية القائمة.

وبحلول عام 2025، فمن المتوقع أن ينمو سوق توربينات الغاز في الشرق الأوسط بقوة في السنوات القادمة، على خلفية ارتفاع الطلب على الطاقة والتحول في التركيز نحو مزيج طاقة أكثر كفاءة وصديق للبيئة. ويساهم استخدام التقنيات القائمة على الهيدروجين في تحفيز هذا النمو، كما أنه يساعد الحكومات ومنتجي الطاقة بالمنطقة على تحقيق نتائج أفضل، وذلك من حيث الكفاءة والاستدامة.

سوف يشمل مستقبل توليد الطاقة مزيجاً من مصادر الطاقة الأحفورية والمتجددة ومصادر الطاقة النظيفة الأخرى. والمزج بين هذه التقنيات سيؤدي إلى زيادة تعقيد شبكات الكهرباء، وستكون هناك حاجة إلى تقنيات قائمة على الذكاء الاصطناعي في إدارة تلك الشبكات. 

إن منطقة الشرق الأوسط تمتلك كل ما تحتاج إليه من قدرات لتحقيق مزيج الطاقة المثالي في السنوات القادمة، وهي أكبر احتياطيات الغاز في العالم، والظروف المناخية المثالية للطاقة المتجددة، والدعم القوي من حكوماتها لتحفيز الابتكار في مجال التكنولوجيا والاستثمارات في الطاقة. لذلك، فهي لديها الفرصة الفريدة والقيّمة لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطاقة ودفع مسيرة التكنولوجيا في إيجاد حلّ لواحدة من أكثر التحديات العصيبة في عصرنا.

* المدير والرئيس التنفيذي الإقليمي لشركة ميتسوبيشي باور

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"