حدث مفرح من ليبيا

01:56 صباحا
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

حدث استثنائي ذلك الذي تم التوصل إليه، أمس الأول الجمعة، من قبل أطراف الأزمة في ليبيا، وتمثل في التواصل إلى «اتفاق دائم لوقف إطلاق النار»، اتفاق لم يأت إلا بعد محادثات ماراثونية استمرت خمسة أيام في الأمم المتحدة، لكنها في الحقيقة تمتد إلى أكثر من ذلك، عندما بدأت الأطراف المتصارعة في البحث عمّا يساعد على إيجاد حلول لإنهاء حرب مستمرة منذ ما يزيد على تسع سنوات.

 بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا كانت أول من زف النبأ السعيد، عندما أشارت إلى أن محادثات اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 في جنيف، توجت بإنجاز تاريخي؛ حيث توصل الفرقاء الليبيون إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد، ورأت أن هذا الإنجاز يعد نقطة تحول مهمة نحو تحقيق السلام والاستقرار في بلد مزقته الحرب، سقط فيها الآلاف من القتلى وشردت الملايين، وهددت البلاد بالتقسيم.

 استثنائية الحدث دفعت بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس للإشادة به؛ حيث أشار إلى أن الاتفاق «خطوة أساسية نحو السلام والاستقرار»، لكنه يرى أن هناك الكثير من العمل الشاق في الانتظار، فيما رحبت أطراف عربية ودولية أخرى بالاتفاق، الذي من شأنه أن يرسي قاعدة أساسية تعتمد على الحوار وتشجع على احترام رؤية الآخر وعدم الاستهانة بالمقترحات من قبل أي طرف.

 مثل هذا الحدث يفرح الكثير في ليبيا والعالم العربي، على أمل أن تشهد ساحات حرب أخرى خطوة مماثلة، كسوريا واليمن على سبيل المثال؛ حيث لا يزال الصراع في هذين البلدين دون أفق واضح، خاصة أن الأطراف المتحاورة لم تسلم بعد بأهمية الحوار للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة أبناء الشعبين، سواء الموجودين في الداخل أو الذين أجبرتهم الحرب على الفرار إلى خارج البلاد، وما استتبع ذلك من مآسٍ لا يزال الكثير يدفعون ثمنها حتى اليوم.

 من المؤكد أن الاتفاق سيغضب الكثير ممن وجدوا أنفسهم منتفعين من استمرار الحرب في ليبيا، سواء كانت دولاً أو جماعات متطرفة، خاصة بعد ما أرسلت أفرادها إلى ليبيا للانضمام إلى الميليشيات، المتواجدة على الأرض، لأن الاتفاق ينص على ضرورة خروج العناصر الأجنبية من البلاد. لكن الأهم هو صدق النوايا من قبل الراعين للمرتزقة الأجانب الذين تدفقوا بالمئات إلى البلاد أحدثوا فيها فوضى لا تزال تدفع ثمنها حتى اليوم.

 الاتفاق الأخير من شأنه أن يمهّد الطريق لمزيد من التقدم في منتدى الحوار السياسي الليبي الذي من المقرر أن ينطلق في وقت لاحق من الأسبوع الجاري بهدف التوصل إلى حل دائم للصراع، وهي خطوة يأمل الليبيون أن ينجح فيها السياسيون في وقف نزيف الدم وإعادة السلم والوئام إلى بلد أنهكته الحرب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"