التهديد الصيني لأمريكا

23:08 مساء
قراءة 3 دقائق
12

روبرت سي أوبراين *

لسوء الحظ، أضحى الأمر سوء تقدير شديد وأكبر فشل للسياسة الخارجية الأمريكية منذ ثلاثينات القرن الماضي. لكن كيف ارتكبنا مثل هذا الخطأ؟ يعود السبب في المقام الأول إلى تجاهلنا لأيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني، فبدلاً من الاستماع إلى قادة الحزب الشيوعي الصيني وقراءة وثائقه الرئيسية، صدقنا ما أردنا تصديقه: الحزب الحاكم الصيني هو شيوعي بالاسم فقط. 

 واليوم سيكون من الخطأ الفادح أيضاً افتراض أن هذه الأيديولوجية مهمة فقط داخل الصين. وفي الواقع، أن جدول الأعمال الأيديولوجي للحزب الشيوعي الصيني يمتد إلى ما هو أبعد من حدود الدولة، ويمثل تهديداً لفكرة الديمقراطية نفسها، بما في ذلك الولايات المتحدة. ولا تقتصر طموحات الرئيس الصيني شي جين بينج في السيطرة على شعب الصين، بل يهدف حزبه أيضاً إلى نشر البروباجندا وتقييد حريات التعبير واستغلال البيانات الشخصية لتحقيق أهداف خبيثة. ولا يمكن للولايات المتحدة ببساطة تجاهل الأهداف الأيديولوجية للحزب الشيوعي الصيني. ويجب أن تدرك واشنطن أن الحرب ضد العدوان الصيني تتطلب أولاً الاعتراف به والدفاع عن أنفسنا ضده هنا في الداخل قبل فوات الأوان. 

 وقد أشار الصحفي والمسؤول السابق في الحكومة الأسترالية، جون جارناوت إلى أن القادة الصينيين يؤمنون دائماً بأن القوة تنبع من السيطرة على كل من ميادين المعركة والساحة الثقافية. فالكلمات بنظرتهم ليست وسيلة للإقناع والتفاهم، إنما هي كالرصاص. والكلمات تستخدم للتعرف إلى المعارضين وعزلهم وتدميرهم. وفي داخل الصين، فإن هذا النهج يعني إلزام المواطنين بحضور جلسات دراسية إلزامية حول الأيديولوجية الشيوعية واستخدام تطبيقات الهواتف الذكية التي تعلّم «فكر شي جين بينج». وهذا يعني أيضاً تشديد الرقابة على جميع وسائل الإعلام، حيث إن جميع المصادر الخارجية للمعلومات محظورة، من الصحف الأجنبية إلى «تويتر» و«فيسبوك» و«واتس آب». كما يعيد الحزب الشيوعي الصيني تفسير النصوص الدينية بما في ذلك الإنجيل المقدس، ويحبس ملايين الإيجور والأقليات الأخرى في معسكرات إعادة التأهيل، حيث يتعرضون للتلقين السياسي والعمل القسري. 

وبالإضافة إلى التأثير في المعلومات التي يتلقاها الأمريكيون بشأن الصين، يستخدم الحزب الشيوعي الصيني نفوذه بشكل متزايد للتأثير في الخطاب الأمريكي. فعلى سبيل المثال، عندما قال المدير العام لفريق «هيوستن روكتس» لكرة السلة في تغريدة أنه يدعم التظاهر السلمي في هونج كونج، وأعلن الحزب الشيوعي الصيني أن مباريات الفريق لن تعرض على التلفزيون الصيني، وضغطت على الأشخاص المرتبطين بالدوري الأمريكي لكرة السلة، بما في ذلك النجوم إلى انتقاد تلك التغريدة. وتحت ضغوط الصين، أزالت شركات الطيران الأمريكية «أمريكان أيرلاينز» و«دلتا» و«يونايتد إيرلاينز» كل الإشارات إلى تايوان من مواقعها على الإنترنت والمجلات على متن الطائرات. 

كما تتصدى الإدارة الأمريكية للأنشطة الخبيثة للشركات الصينية التي تحرض جهود الحزب الشيوعي الصيني، إذ فرضت عقوبات على شركات مثل «هواوي» التي تستجيب لأوامر أجهزة المخابرات والأمن التابعة للحزب الشيوعي، بما في ذلك فرض قيود على وصول «هواوي» إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات الأمريكية. 

السلام الدائم يأتي من القوة، والولايات المتحدة هي أقوى دولة على وجه الأرض، وعلينا أن نتحدث بصوت عالٍ ونقاوم، وقبل كل شيء، علينا أن نبقى أوفياء لمبادئنا وخاصة حرية التعبير، والتي تقف في تناقض صارخ مع الأيديولوجية الماركسية اللينينية التي يتبناها الحزب الشيوعي الصيني.

*مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة (فورين أفيرز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"