عالم ما بعد الوباء

23:11 مساء
قراءة دقيقتين
6

مايكل هيرش *

في كتابه الجديد «10 دروس لعالم ما بعد الجائحة»، يعالج فريد زكريا، الذي حذّر في عام 2017 من خلال برنامجه عبر شبكة «سي إن إن» من أن أكبر تهديد للقوى العظمى أصبح الآن فيروساً صغيراً لم تستعد الولايات المتحدة للتعامل معه، ومع الأسباب الأعمق للوباء وكيف سيغيّر العالم، وكيف يمكننا الاستعداد بشكل أفضل للوباء التالي قريباً. 

ودعونا لا نخدع أنفسنا، فالوباء التالي قادم، حيث قال زكريا بإيجاز ووضوح تام «استعدوا» في كتابه الذي يقع في 242 صفحة. وقدم المؤلف عرضاً مثيراً للإعجاب عن التاريخ والاقتصاد والأزمات الصحية التي طال أمدها والاتجاهات الثقافية العالمية، وقال: «لقد خلقنا عالماً في حالة نشاط مفرط على الدوام»، حيث بات الناس يعيشون لفترة أطول ويسكنون في مساحات أكبر، ويتعدون ويدمرون العالم الطبيعي. ورداً على ذلك، فإن الأوبئة المقبلة ستكون «انتقاماً للطبيعة»، على حد قوله. 

 في الولايات المتحدة، من السهل جداً إلقاء اللوم على الرئيس دونالد ترامب وكيفية فشل حكومته في الاستجابة للانتشار الأولي لفيروس «كورونا»، إلا أن زكريا يقول: إن المشكلة طويلة الأمد ومهيمنة على النظام الصحي الأمريكي بأكمله. 

 ويرفض زكريا الاشتراكية الجديدة التي تدعو إليها مجموعة من السياسيين أمثال بيرني ساندرز وألكساندريا أوكازيو كورتيز، من خلال إعادة توجيه النقاش القديم بين الأسواق الحرة واقتصادات التخطيط المركزي، ويدعو المؤلف إلى التركيز على «الجودة» أكثر من «الكمية» في الحكومة. وفي عالم ما بعد «كورونا» على سبيل المثال، لم يعد اليمين الأمريكي ينظر إلى الدنمارك، صاحبة النظام الاقتصادي المختلط والتي حققت نجاحاً متميزاً في التعامل مع كورونا، باعتبارها شيطاناً اشتراكياً. 

وتحدث زكريا في كتابه عن استنتاج آخر مهم، وهو أن العولمة لا تحتضر، على الرغم من الدعوات إلى إعادة تشكيل الصناعات وفك الارتباط جزئياً بين الصين والولايات المتحدة. وصحيح أن الصناعات الأمريكية تنقل مصانعها من الصين، ولكن بدلاً من إعادتها إلى الأراضي الأمريكية، فإنها تنقلها إلى جنوب شرق آسيا. ويقول زكريا إن العولمة لن تختفي، و«تاريخها الطويل يفرض عليها أن تستمر ويجب أن تستمر». 

  يقول زكريا إن كل ما هو مطلوب للاستعداد للوباء المقبل هو وجود «إرادة سياسية قوية» ودعم جهود منظمة الصحة العالمية ومعالجة مشكلة ما بعد الجائحة المتمثلة في تفاقم أوجه عدم المساواة، والتي يشير إلى أنها «ستقسم الولايات المتحدة إلى نصفين»، إلا أنه لا يخبرنا حقاً كيف يمكننا تحقيق هذه الإرادة السياسية وسط فوضى تبادل الاتهامات بين السياسيين في البلاد وإلغاء ترامب التمويل الذي تمنحه أمريكا لمنظمة الصحة العالمية.

* مراسل مجلة «فورين بوليسي»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"