بانتظار رئيس قد يتأخر

23:19 مساء
قراءة 3 دقائق

عاصم عبد الخالق

اعتاد الأمريكيون قضاء ليلة مشحونة بالترقب والتشويق مساء يوم الانتخابات الرئاسية، انتظاراً لمعرفة اسم الفائز. يلتف الملايين حول شاشات التلفزيون التي لا تتوقف عن إذاعة مؤشرات النتائج غير الرسمية. وغالباً ما يعرف الأمريكيون اسم رئيسهم قبل أن يحين موعد نومهم، إلا أن تلك المعلومة قد تتأخر إلى اليوم التالي، وفي حالات استثنائية تبقى النتيجة معلقة لعدة أيام كما حدث عام 2000، بسبب الخلاف حول إحصاء أصوات فلوريدا.

على الأرجح سيتكرر هذا الاستثناء في انتخابات غد، لكن بمدة تأجيل أطول إذا أشارت النتائج الأولية إلى خسارة الرئيس دونالد ترامب الذي أعلن منذ البداية أن هزيمته تعني حدوث تزوير وتلاعب، وبالتالي سيدشن معركة قانونية تؤجل حتماً إعلان اسم الفائز ربما لعدة أسابيع.

طوال حملته الانتخابية لم يتوقف ترامب عن إبداء مخاوفه، خاصة بالنسبة لنتيجة الاقتراع عبر البريد. ونظراً للإقبال القياسي للناخبين هذا العام على الأداء بأصواتهم بهذه الطريقة، فستكون هناك بالطبع فرصة أكبر لتقديم عشرات إن لم يكن مئات الطعون. وسيؤدي ذلك إلى تأخير إعلان النتيجة النهائية التي قد تتأخر أيضاً بسبب تأخر وصول الملايين من بطاقات الاقتراع، حتى إنه في بعض الحالات لا يتم الفرز إلا بعد يوم الانتخابات.

ليست هذه هي المشكلة الوحيدة التي قد تؤجل الحسم؛ ذلك أن النظام الانتخابي المعقد في أمريكا يجعل من السهل تعطيل إعلان النتيجة التي تمر بعدة مراحل، تستغرق أسابيع بعد إغلاق صناديق الاقتراع. وإذا كان الشيطان يكمن في التفاصيل، فإن هذا النظام المثقل بالتفاصيل، يتيح وجود عشرات الشياطين وليس شيطاناً واحداً.

وكما هو معروف، فإن اختيار الرئيس لا يكون بالاقتراع المباشر، ولكن من خلال انتخاب مندوبين عن الولايات يشكّلون ما يعرف بالمجمع الانتخابي الذي يختار الرئيس. ولا تتم هذه العملية فور إغلاق الصناديق، حيث يمنح القانون الفيدرالي مهلة للولايات حتى الثامن من ديسمبر؛ أي أكثر من شهر لحل أي مشكلة تتعلق باختيار مندوبيها، وفقاً لقوانينها.

في هذا المرحلة، يمكن إثارة نزاعات قانونية بشأن قواعد اختيار المندوبين. وبتجاوز هذه العقبة المحتملة، التي قد يلجأ إليها أي مرشح، تبدأ مرحلة أخرى هي اجتماع مندوبي كل ولاية في ولايتهم لانتخاب الرئيس. ويحدد القانون لذلك يوم «الاثنين التالي لثاني أربعاء في الشهر»، وهو ما يعني 14 ديسمبر المقبل، ثم إرسال النتيجة إلى نائب رئيس الجمهورية بصفته رئيس مجلس الشيوخ في موعد أقصاه الأربعاء الرابع من الشهر؛ أي 23 ديسمبر.

حتى هذه اللحظة لا يكون الرئيس قد انتخب رسمياً، وإن كانت النتيجة ستصبح معروفة. بعدها تبدأ المرحلة الأخيرة في إخراج النتيجة، وهي اجتماع الكونجرس الجديد الذي يتم انتخاب كل نوابه وثلث شيوخه في نفس يوم انتخاب الرئيس. وبعد ثلاثة أيام من أداء الأعضاء اليمين الدستورية، يوم الثالث من يناير، يعقد المجلس جلسة مشتركة لفض خطابات مندوبي المجمع الانتخابي، وإعلان النتيجة.

وفي هذه اللحظة فقط يصبح المرشح فائزاً رسمياً، إلا أنه لا يتولى منصبه إلا بعد أداء القسم في 20 يناير.

وكما يقول الكاتب درو ديسلفر الباحث في معهد «بيو» لاستطلاعات الرأي، لا يعني وصول نتيجة تصويت المندوبين إلى الكونجرس نهاية كابوس العقبات القانونية؛ إذ يحق لأي عضوين أحدهما من الشيوخ والآخر من النواب، الطعن على نتيجة أي ولاية، وعندها يتعين أن يصوت أعضاء المجلسين في جلستين منفصلتين على الطعن بالتأييد أو الرفض. وقد حدث هذا عام 2004 ورفض المجلس الطعن.

وفي حالة تعذر تحديد الفائز لأي سبب حتى العشرين من يناير، لا يستمر الرئيس الحالي في منصبه؛ بل يتولى رئيس مجلس النواب الرئاسة مؤقتاً.

خلاصة القول إن الاقتراع الذي سيتم غداً قد لا يكون نهاية المعركة الانتخابية الساخنة؛ بل بداية لآخر مراحلها وأكثرها إثارة.. إنه الاختبار العسير للديمقراطية الأمريكية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"