عادي

الشارقة منصة الكتاب

23:57 مساء
قراءة دقيقتين
بوشليبي

د. ماجد بوشليبي

يأتي معرض الشارقة للكتاب هذا العام في ظروف استثنائية لعلنا لم نمر بمثلها سابقاً، عدا دورته التي توقفت عام 1990 سنة الغزو العراقي للكويت، وفي هذه المرة ذهب جل المعارض العربية وغير العربية إلى الإلغاء أو التأجيل في دورتها الحالية، ولعل هذا الأمر كان متوقعاً من إدارات هذه المعارض لمتطلبات الجائحة الصحية، ولعوامل اقتصادية تتعلق بهذه الإغلاقات؛ إذ تأثرت معظم قطاعات الاقتصاد ولا سيما الصناعات الصغيرة بهذا الإغلاق.

صناعة النشر على المستوى العالمي تأثرت بشكل كبير وتجاوزت خسائرها 40% من إيراداتها، مقارنة بمثل هذه الفترة من العام السابق، وكانت الآثار في الصناعة العربية للنشر أشد قسوة، وأعظم تأثيراً، حيث أوضح الناشرون أنفسهم أن المبيعات انخفضت بين 50 و85%، وهذا بحد ذاته أكثر من طاقة الاستيعاب على الرغم من تحرك جمعية الناشرين الإماراتيين لاستحداث «صندوق الأزمات» لدعم الناشرين، وتحرك وزارة الثقافة والشباب لدعم المهن الثقافية المتأثرة.

ضمن مواسم سابقة لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، استضافت الدائرة الثقافية في الشارقة المفكر الاقتصادي إسماعيل صبري عبدالله صاحب مقولة «التنمية العصّية»، والإشارة هنا إلى أن التنمية بحد ذاتها تنشأ في ظروف عصّية. وعلى الرغم من حوارات كثيرة إبان ذلك الموسم جمعتني به حول علاقة الثقافة بالتنمية، فإنني أجد أن تنظيم المعرض لهذا العام قد بين دون شك، بأن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، يؤكد من خلال هذا الأمر أن التنمية ممكنة، وأن بناء الاقتصاد يبدأ بوعي الفرد بمجتمعه، وأن الثقافة وسيلة مهمة لذلك، مهما تنوعت الوسائل وتقاطعت.

إن المعرض هو داعم للكتاب وناشره والفعاليات المصاحبة، وهو إذكاء لمبادرات الابتكار في عرض الكتاب الإلكتروني، والترجمة والوسائل اللوجستية، ولا يفوتنا أن نذكر أن معرض الشارقة للكتاب هو المعرض الوحيد الذي ربما ينظم هذا العام، متفرداً بعدما ألغيت جميع المعارض التي سبقته محلياً وعالمياً، مما يعيد الثقة إلى قطاع المعارض والنشر في هذه المرحلة، ويجعله قبلة للمؤسسات والجامعات والأفراد بعد عطش طال أمده. 

وقد أعلنت إدارة المعرض أنها اتخذت جميع ما يلزم من الاحتياطات لدورة آمنة، سيجتمع لها ما كان ينظم آنفاً من برامج فكرية مصاحبة، جمعت عناصر ومقومات العمل الثقافي الناجح، ولكن على منصات افتراضية تشجع الجمهور على الحضور من مختلف أنحاء العالم. يلزم أن ننظر في هذه التجربة، وما إذا كانت تصلح لأن تكون منصة دائمة لبرامج الفعاليات الفكرية في موضوعات النشر والكتاب والمكتبات التي تستمر طوال العام، مما يسهم في تفعيل الأنشطة الثقافية ، فمن للكتاب سوى الشارقة؟.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"