حارب الظاهري
يرتبط معرض الشارقة الدولي للكتاب بذاكرة الإمارات الثقافية، وهذا يعني أنه ليس كأي حدث عابر، وليس كأي معرض يطل علينا في غفلة ويذهب، فمنذ انطلاقته، بدأ المعرض يؤسس لثقافة لها أبعادها الفكرية، والكل يدرك التنوع الثقافي الذي أسس له صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حتى أصبحت الشارقة تعيش أجمل حلة ثقافية، يشار إليها عربياً وعالمياً، ومن هنا تأتي هذه الأهمية المتفردة للمعرض، والتي تنسجم مع إطلالته السنوية، وهي إطلالة غير عادية بما يقدمه معرض الكتاب من تنوع في الإصدارات، وما يرافق ذلك من مهمات نوعية كاستقبال الكتاب والأدباء من كافة أنحاء العالم، وتنظيم المناسبات الثقافية التي تطرح الأفكار والرؤى، ومن هنا تأتي أهمية المعرض، إنه وجهة للكِتاب والكُتّاب والأدباء، وبموجب ذلك يُخضع المعرض سائر الإصدارات المهمة للنقاش، كما يقيم الندوات المهمة والمؤثرة في عالم الكتاب، وفي كل مرة يطرح كل جديد وقيم، ومن خلال هذا السعي الجميل والمنوع، يجذب المعرض الزخم الإعلامي العربي والعالمي، ويبقى تحت المجهر منذ افتتاحه حتى نهايته، ومنذ نشأته، وهو يتطور على هذا المنوال الجاد والجاذب للمؤسسات الإعلامية الثقافية والأدبية ودور النشر العالمية المعنية بالتطور الثقافي، وتعمل على عقد المؤتمرات وتوقيع الاتفاقيات مع نظيراتها الثقافية.
يظل المعرض هو حجر الأساس الذي يربط ما بين الثقافة المحلية وأنماطها المختلفة، فما يقدمه المعرض من طروحات ذات صلة بالإبداع، لا شك أنه يعزز مكانة الإمارة الثقافية، فهناك عمل جاد ورصين وراء ما يسطره هذا المعرض من نجاح، وما يكسبه من إقبال ثقافي لافت، ودهشة غير متوقعة في انتظار كل جديد، فالمعرض دائماً يفاجىء جمهوره بما يطرحه من قيم تشحن الذاكرة بملكات الفكر والجمال.
ورغم الجائحة التي عطلت كل المعارض العالمية، أصر معرض الشارقة على مواصلة مسيرته الثقافية، وحضَّر لهذه التظاهرة المهمة، وفصل ما بين الجائحة أو أي طارئ والعمل الثقافي، وهذا بمثابة تحد محمود، فقد حرص القائمون على إدارة المعرض على إقامة الفعاليات رغم الجائحة، وهو من دون شك طموح ثقافي بارع لا يضاهى.
إن الدور الذي يقوم به معرض الشارقة للكتاب يؤكد أن الكتابة ليست عملاً عابراً، فهي تنبني على أسس وركائز وقيم وقضايا لا يمكن تأجيلها، وهي تُجاري الحياة، وتُعزز وجودها، وهذا إيمان حقيقي بدور الثقافة نحو المجتمع، ثقافة في صلب الإطار المحوري للحياة.
هنيئا للمثقفين بهذا المعرض في تواصله السنوي مع جمهوره، في تظاهرة ثقافية مهمة ننتظرها بشوق بالغ.
