عادي

شريان الأدب

23:37 مساء
قراءة دقيقتين
1

محمد عبدالله البريكي

تكمن قوة معرض الشارقة للكتاب، في قدرته هذا العام على التكيف مع الظروف الراهنة، بخاصة أنه يتسم بالتجدد، وينتظره المبدعون في كل مكان، فهو يحتل المكانة الأبرز على مستوى معارض المنطقة، فضلاً عن تصنيفه العالمي، كل هذه الأشياء جعلت منه عرساً ثقافياً، وملتقى حقيقياً للأدب بكل صنوفه وأطيافه، غير أن الظروف الحالية جعلت الكثير من الكُتَّاب في كل مكان يتساءلون بقلق: هل سيقام المعرض في ظل جائحة «كورونا» التي غيرت معالم الحياة ووضعت حاجزاً كبيراً بين الإنسان والآخر، وألغت الفعاليات، وأتاحت للعالم الافتراضي أن يقوم بمهام لم تكن موجودة من قبل بهذه الكيفية؟

وعلى الرغم من جدية السؤال وأهمية الطرح، فإن الإعلان عن إقامته في موعده، فرض حالة من الراحة بين أوساط المبدعين، وأزال هماً عالقاً في قلوبهم، خصوصاً أن الكُتَّاب في كل عام يجتمعون على ثقافة الكِتاب، ويلتقون ليتباحثوا في القضايا التي يطرحها الواقع، وما من شك في أن قضية العصر الإنسانية والثقافية والفكرية والاجتماعية، تتمثل في مسألة التغلب على وضع الجائحة، ومدى تأثيرها في حركة تداول الأدب والشعر والفنون، وأهمية أن يتمتع كل طرف بحياة ثقافية كاملة غير منقوصة.

 وهنا يجب أن نتوقف عند فكرة إقامة المعرض الخلاقة، وقدرة المنظمين على التفاعل مع أهمية الحدث، ووضع كل شروط الأمان لكي يذهب المثقف والأديب والشاعر، وهم مطمئنون إلى أن الأجواء الحالية ستكون في مصلحتهم، وأن أزمة «كورونا» المستجد لن تكون العائق أمام انتشار الكتب، وترتيبها على الرفوف، وأنها لن تكون العائق أمام دور النشر، وهي تحمل مجلدات الفكر وسبل المعرفة، وتسافر إلى أروقة المعرض. وهنا يبرز التحدي الأكبر تاريخياً، حيث نجد أن إصرار المثقف واضح من أجل أن يحجز له مكاناً في ساحات معرض الشارقة الدولي للكتاب، وأن عملية التنظيم ستعطي درساً عملياً لكل الذين بلغ بهم الخوف من الجائحة مبلغاً فوق الوصف، فضلاً عن دور المعرض في إعطاء هدنة حقيقية بين الحياة بعد انتشار «كوفيد 19»، والحياة في ظل انتشاره، وتكبّد الخسارات الأدبية الكبيرة.

 غير أن الشارقة لا تعرف التعثر أو المستحيل، فهي جاهزة بفضائها النقي لاستقبال الأدباء، وفق الاحترازات المطلوبة، وجاهزة لفرض حالة من الجمال المعرفي من دون أية كلف باهظة في الأرواح، ولا يمكن إلا أن نقف أمام حكمة صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، موقف المتأملين من قراراته التي تحمل كل الخير لجموع المثقفين، فنحن نعلم أهمية المعرض بالنسبة لسموّه، كونه يحمل راية الشارقة الخفاقة في المشهد الثقافي، فضلاً عن المكانة التي وصل إليها المعرض بفضل دعم سموّه، وهو ما جعل كل مثقف على هذه الأرض ينظر إلى معرض الشارقة الدولي للكتاب، على أنه حدث لا يمكن أن يتوقف، فهو شريان الحياة الأدبية في المنطقة، والحضن الذي يحتوي أحلام المثقفين العرب والأجانب وطموحاتهم، فتحية للقرارات الحكيمة التي تحفظ للأدب هيبته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"