خطاب الكراهية لا يعترف بالجغرافيا

00:58 صباحا
قراءة 3 دقائق

مهرة سعيد المهيري

ها هو الإرهاب يضرب في النمسا، قبل أن تجف دماء جريمة نيس في فرنسا. الكل كان يدرك أن الإرهابيين على مواعيد جديدة مع عالم لا يستطيعون أن يروه في سلام. سنحتاج إلى أن نفهم لماذا اختيارهم فيينا لتنفيذ جريمتهم، البلد الذي استقبل مئات الألوف من المسلمين المهاجرين وفتح لهم أبوابه. خطاب الكراهية لا يعرف الجغرافيا.

 الإرهاب لا دين له وخطاب الكراهية لا يمت بصلة للإسلام والمسلمين وإنما هو منبع للخلايا التي تبث السموم في الأوطان وأمنها، كما صرح صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال تواصله مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤكداً أن الممارسات الإرهابية تتنافى مع مبادئ الأديان السماوية، مشدداً على رفضه «خطاب الكراهية». كما كرر سموه موقفه برفضه «لخطاب الكراهية الذي يسيء إلى العلاقة بين الشعوب، ويؤذي مشاعر الملايين من البشر ويخدم أصحاب الأفكار المتطرفة»، وكذلك رفضه «بشكل قاطع أي تبرير للإجرام والعنف والإرهاب».

 هنا يأتي دور القيادات الدينية الكبير في توعية المجتمع بالاعتماد الكلي والتام على كلام الله وسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فمن غير المعقول أن تترك المنابر لأصحاب الأجندات الخفية يبثون من خلالها ما يخدم مصالحهم التي تصب في زعزعة الأمن والبلاد،إذ إن القيادات الدينية عنصر جوهري في الحرب ضد خطاب الكراهية، ولا سيَّما أنَّه يقوض قيم التنوع الديني والتعددية.

 من المؤسف أن نرى مظاهر إساءة استخدام الدين في بعض الأحيان لتبرير الأعمال العدائية والتحريض على العنف. القادة الدينيون مسؤولون مسؤولية كبيرة عن مواجهة الفكر التحريضي والرافض للآخر، عبر تعزيز الحوار وفتح القنوات مع فئات المجتمع، وتحديداً الشباب، والمساهمة بتعزيز قيم التسامح وتقبل الآخر ونبذ الكراهية. كما أننا لا نغفل دور الإعلام ومدى أهمية الرسالة الإعلامية ودورها الكبير في توعية المجتمع وإيصال صوت الحق، وكشف أصحاب الأجندات التي ساهم الإعلام المتربص في خدمتهم وتحقيق أهدافهم. ونأمل أن ينجح الإعلام في وضع معايير محترفة ومتطورة، واعتماد خطابات أفضل وأقوى موجهة للجمهور.

 علينا أن ندرك جميعاً أن أي هجوم أو عمل إرهابي في أي أرض وفي أي بلد هو عبارة عن هجوم علينا جميعاً، نحن اليوم الذين نعيش على أرض دولة الإمارات التي لم تبخل في شيء للقضاء على هذا الأمر بسنها لقانون مكافحة التمييز وخطاب الكراهية وازدراء الأديان، لأنّه يتسم بالواقعية ووضوح الهدف، فهو من جهة ينظر إلى واقع المجتمع الذي سيطبّق فيه، ومن جهة أخرى فهو يهدف إلى حماية المجتمع، وتحصينه ضد خطابات الكراهية والتحريض على العنف.

 المسؤولية هي مسؤولية الجميع، لا أحد بريء وخالٍ من العيوب. الدولة والهيئات والمجتمع ووسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والمؤسسات الدينية والعائلة والأفراد، كل هؤلاء يتحملون واجب التوعية وغرس مفاهيم احترام الآخرين المختلفين، وترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية والحبّ والتواصل الإيجابي والتعايش.

 لا بد أن ندرك أن العمل الإرهابي يسيء للشعوب الإسلامية ويشوه صورتهم أمام باقي الأديان، وأن من يسعى لمثل هذا الإرهاب يتخذ من الإسلام والمسلمين ستاراً يمرر من خلاله خبثه وسمومه.

 دور أفراد المجتمع لا يقل أهمية عن دور المؤسسات، علينا أن ندرك ونعي بأن الانجراف في أي حملة قد يسهم في خدمة عدو البلاد وعدو السلام، وهذا بدوره سيسهم في تحقيق أهدافهم وأجندتهم عن طريق السيطرة على أفكار ومعتقدات المجتمعات. 

 علينا أن نثق ثقة مطلقة وتامة بأن هناك عيوناً ساهرة تسعى لحماية الوطن، وعلينا كأفراد في المجتمع أن نسعى معهم في حفظ سمعة وطننا وعدم الانجراف وراء المتربصين الذين يسعون إلى اختيار أمور تصب في صميم معتقداتنا. دورنا كبير، وثقة قيادتنا في شعبها كبير.. حفظ الله وطننا وكل الأوطان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"