موطن العربية

22:45 مساء
قراءة دقيقتين


ابن الديرة

من محضن اللغة العربية وموطنها، أطلق صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، المجلدات الأولى من «المعجم التاريخي للغة العربية»، الذي يعتبر المشروع المعرفي الأكبر للأمة، لكونه يؤرّخُ للمرة الأولى تاريخ مفردات لغة الضاد وتحولات استخدامها عبر 17 قرناً.
هذا الحدث التاريخي غير المسبوق في خدمة لغة الضاد، جاء ثمرة جهود كبيرة من فريق من الخبراء وضعوا جل معرفتهم، وعصارة خبراتهم، تلبية لنداء حاكم الشارقة، الذي لطالما أخذ على عاتقه رفع شعار لغة الضاد وإعلاء منارتها، فتكفل بالدفاع عنها، وتنقل بين مختلف أمهات الكتب، بعين الباحث عن حقيقة لغتنا الأم، زاده الصبر وقوة الإرادة، وهدفه تحقيق حلم اصطدم مرات كثيرة بجدار الفشل، ليزيد عدم التوفيق من إصراره، وليحصد ثمار ما زرعه من جهد، مجلدات للغة، شرفها الله بأن كانت لغة كتابه الكريم، وليضعه بين أيدي المثقفين وعشاق العربية لكي ينهلوا من دلالات ألفاظه ونصوصه الحية وشواهده التاريخية.
قصة إصدار المجلدات الأولى من المعجم تروي فصولها عشق حاكم الشارقة للتاريخ، وعمله الدؤوب لخدمة المعرفة، وتأريخ لغتنا، وإيمانه العميق بقدرات أبناء العربية ومُحبّيها وعلمائها، ومعرفته أن إصداره يحتاج إلى حشد القوى وتحفيز النفوس وتوحيد الصفوف وتنظيم الجهود، لكي يثري مكتبتنا العربية، التي هي أحوج ما تكون إلى معجم شامل، يروي تاريخ مفرداتنا، حيث تكمن عظمته في كشفه تطور المصطلحات عبر العصور، ورصده تاريخ دخول الكلمات الجديدة المستحدثة في اللغة المستعملة، والكلمات التي اندثرت وزالت من قاموس الاستعمال، مع ذكر الأسباب المؤثّرة في ذلك؛ من خلال بحثه عن تطور الكلمة عبر الزمان وعلى ألسن العرب وغيرهم من المتكلّمين باللسان العربي منذ ما قبل الإسلام إلى اليوم.
الأجزاء الثمانية التي تتعلّقُ بحرفين فقط هما الهمزة والباء، ليست آخر المطاف في مشروع سلطان المعرفي، فالمتابع لما أحدثه سموه من نهضة طالت مختلف مناحي الحياة في الإمارة الباسمة عامة، والثقافة خاصة، يعلم مدى عشق سموه للمعرفة، ويجعلنا نؤمن بما لا يدع مجالاً للشك بأن المجلدات ستتبعها عشرات الأجزاء، ليستمتع مُحبّو لغة الضاد بمعجم العربيّة الأكبر.
هنيئاً لنا هذا الإنجاز التاريخي، الذي زاده جمالاً أنه رأى النور من شارقة العلم والثقافة، التي تمكنت بهمة سموه من رفد المكتبات العربية بكنز معرفي جديد كان قبل ثمانين عاماً حلماً وضرباً من الخيال.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"