«ليالي الرعب» في فيينا

22:58 مساء
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

حلّت ليالي الرعب في فيينا، عوضاً عن «ليالي الأنس في فيينا»، التي تغنت بها المطربة أسمهان في أربعينات القرن الماضي، بعد أن عاشت العاصمة النمساوية قبل أيام فواصل من الرعب بسبب مجموعة من المتطرفين، أبوا إلا أن يقدموا الإسلام بطريقة مختلفة عن حقيقته، بعد مهاجمتهم مواقع عدة في وسط المدينة، ما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص، بينهم شرطي.

 مجموعة من المتطرفين انتشرت في ستة مواقع قريبة من كنيس يهودي في العاصمة فيينا، أحدثوا من خلال أفعالهم الرعب في قلوب الناس، الذين جاؤوا لينعموا بلحظات سعيدة، خاصة في ظل الإجراءات المشددة التي تعيشها البلاد من جراء تفشي وباء «كورونا»، الذي عاد مؤخراً ليشيع الخوف في دول القارة العجوز.

 ما أثار الاستغراب هو أن الهجوم جاء في وقت تحاول فيه العديد من الرموز الدينية والسياسية في العالم العربي والإسلامي تقديم نموذج مختلف عن الإسلام في الغرب، خاصة إثر عدد من أعمال العنف في أكثر من دولة في أوروبا، وخارجها.

 تعمُّد اختيار تنظيم «داعش» توجيه ضربة أخرى من ضرباته الإرهابية في النمسا، دليل على إمعانه في تشويه صورة الإسلام، الذي تعرض للكثير من التشويه خلال العقود الأخيرة، وصار الإرهاب مربوطاً بالإسلام، والمسلمين، مع أن الكثير من العمليات الإرهابية يتم تنفيذها من قبل شخصيات محسوبة على أديان أخرى.

 لم يعد «داعش» يحصر نشاطه في البيئة التي نشأ فيها، بل صار يتمدد إلى أوروبا، وإفريقيا، وحتى آسيا، بمعنى أنه نقل نشاطه كله إلى دول خارج الحدود الجغرافية التي ظهر فيها، ومارس فيها العنف في بداياته، وأهمها الساحتان العراقية، والسورية، خاصة عند نشوئه عام 2015.

 في حادثة فيينا، أراد «داعش» أن يكون حاضراً باسمه، وبأفعاله أيضاً، بعد تبنيه عمليات الطعن لعدد من الأبرياء، وقد وصلت رسالته فعلاً، حيث تداولت وسائل الإعلام النمساوية صورة الشخص الذي نفّذ الهجوم، ومن المفاجآت أن الإرهابي، وهو من أصل ألباني، عاش ودرس في النمسا، أي أنه عاش من خير البلد، ونهل من منابع العلم فيها، حيث حرص على أن يظهر نفسه وهو ملتح، ويتمنطق رشاشاً، ومسدساً، وسكيناً قاطعاً للرؤوس، كما بث فيديو يقسم فيه يمين الولاء للخليفة «الداعشي» محمد سعيد عبدالرحمن المولى، المعروف بلقب «الأمير» أبو إبراهيم الهاشمي القرشي.

 هكذا يريد «داعش» أن يقدم الإسلام للغرب، وهو بذلك لا يضر الأبرياء من أبناء هذه الدول فقط، بل أيضاً الملايين من المسلمين الذين يعيشون على أراضيها، حيث سيصبحون مستهدفين في حياتهم، وأمنهم، ووظائفهم، لذلك تبدو المعادلة مختلة في القيم والأخلاق، والذي يدفع الثمن هو الإسلام، الذي تسيء إليه أفعال من يتحدثون باسمه قبل أعدائه.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"