هل انتهت حقبة بوتين؟

23:06 مساء
قراءة دقيقتين

يونس السيد

أثيرت، مؤخراً، تكهنات كثيرة حول اعتزام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاستقالة، وحول توجهه إلى إعداد روسيا لمرحلة ما بعد هذه الاستقالة، في ظروف دولية شديدة الحساسية والتعقيد، فهل انتهت فعلاً حقبة بوتين الذي هيمن على الحياة الروسية طوال العقدين الماضيين، سواء في رئاسة الدولة أو رئاسة الوزراء؟

 وعلى الرغم من نفي الكرملين نفياً قاطعاً لما نشرته بعض التقارير الإخبارية، ومن بينها صحيفة «الصن» البريطانية، بشأن اعتزامه الاستقالة بعد إصابته بمرض «باركنسون»، في وقت كان يعتقد الجميع أنه يعد نفسه لولاية جديدة في عام 2024، بعد أن مهد لذلك بتعديلات دستورية، فإن نفي الكرملين لم يقطع الشك باليقين، ليس فقط لجهة تأكيده أن صحة بوتين جيدة، وهو الذي تثير مهارته في «الجودو» إعجاب الروس، وأن الحديث عن هذا الأمر «هراء»، وإنما لاقتران ذلك بمشروع قانون تم عرضه على البرلمان الروسي بشأن حصانة رئيس الدولة بعد انتهاء ولايته.

 من هنا تبدأ التساؤلات التي تذهب في اتجاهات مختلفة، بل متناقضة أحياناً، فهناك من يعتقد أن بوتين لن يبقى رئيساً إلى الأبد (وهذا يتناقض مع من يتحدث عن أنه سيبقى رئيساً مدى الحياة)، وبالتالي فإنه يسعى إلى ضمان حصانته وعدم مساءلته مستقبلاً، خصوصاً وأن بوتين يدرك أن لديه أعداء ومعارضين في الداخل الروسي، ربما أكثر مما هو في الخارج. وهناك من يرى أن بوتين لن يتخلى عن ترشحه لولاية جديد في 2024، لكنه يسعى ليس فقط إلى تحصين نفسه داخلياً، وإنما إلى إعداد روسيا لمواجهة الأزمات القادمة انطلاقاً مما يعتقده انهياراً وشيكاً لنظام الاقتصاد العالمي الذي أنشأته الولايات المتحدة، وتمكين روسيا من حماية مصالحها العليا، خصوصاً بعدما شاهد العالم بأسرة أزمة الديمقراطية الأمريكية.

 قد لا يكون بوتين، الذي خلف بوريس يلتسين في عام 1999، بحاجة شخصياً إلى قانون يمنحه الحصانة، من وجهة نظر حزبه وأنصاره على الأقل، الذين يعتبرونه زعيماً قومياً أنقذ البلاد من اهتزازات سياسية واقتصادية عميقة، وأعاد بناء قوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية خلال فترة زمنية قصيرة نسبياً، على نحو وضعها في موقع القطب المنافس على قيادة الساحة الدولية، ما يجعلة فوق المساءلة، ويشيرون إلى أن الرئيس يلتسين حصل على تعهد شفوي بعدم التعرض له أو لأسرته، بعد استقالته أو بالأحرى تنحيه عن السلطة، وقد تم احترام هذا التعهد، كما أن أسرته حافظت على الامتيازات التي منحت له بعد وفاته.

ولكن أيضاً، من وجهة نظر هؤلاء، فإن تشريع حصانة رئيس الدولة بعد انتهاء ولايته، سواء كان بوتين أو غيره، هو ضرورة لكي تأخذ الدولة مكانتها وسط دول القرار العالمي، في ظل الأوضاع الدولية المعقدة، كما أن التشريع الجديد ينشئ مجلساً للدولة يكون الرئيس المنتهية ولايته عضواً فيه، ما يتيح له المشاركة في تحديد المسار السياسي للبلاد ورسم آفاقها المستقبلية، ما يعني أن حقبة بوتين باقية، وربما إلى زمن طويل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"