"الخليج" في يوبيلها الذهبي

23:36 مساء
قراءة 3 دقائق

د.فايز رشيد

أطيب «التباريك» وأحر الأمنيات لصحيفة «الخليج» في يوبيلها الذهبي، متمنين لها المزيد من النجاحات وتحقيق الأهداف التي تسعى إليها. فالمتابع لها يلاحظ طموحاتها وأهدافها القريبة واستشعار البعيدة منها، وهي لا تتوقف عن الطموح، وتصب في مجموعها في المجرى الوطني والقومي العربي الأصيل الذي يحاول ما استطاع إزاحة العراقيل من طريق تحقيق هدف نبيل، وهو الوحدة العربية التي سعت أمتنا العربية طويلاً، وما تزال، من أجل تحقيقها. 

فالوحدة تشكل قوة لمجموع الدول العربية مجتمعة، وللدول منفردة، فنحن نعيش عصر التجمعات الجيوسياسية على الصعيد العالمي والتي حققت نجاحات كبيرة سياسية واقتصادية، ونفوذاً في التأثير القاري والعالمي، على الرغم من أنها تفتقد إلى كافة المقومات المشتركة التي تمتلكها الدول العربية مجتمعة، بدءاً من وحدة الدم، مروراً بالثقافة واللغة والعادات والتقاليد والتراث والأرض المشتركة، والآمال والأهداف الواحدة في مجملها، وغيرها كثير من العوامل المشتركة الأخرى، وصولاً إلى المصير الواحد. كل هذه العوامل تقوم «الخليج» ليس بالتركيز عليها فقط، وإنما بتناولها الدائم في أبوابها المختلفة، وفي المقالات التي تنشرها منذ تأسيسها. عندما نكتب عن «الخليج» لا نكتب زُلفى ولا تملقاً، بقدر ما هو تعبير عن مواقف ملموسة لصرح إعلامي كبير.

في تاريخنا العربي الحديث كان لصحيفة «الخليج» دور وطني ملموس، ليس فقط على صعيد الإمارات العربية المتحدة، فهذه الصحيفة المميزة حملت هموم الوطن إلى العالم، وسلطت الضوء على إنجازات دولة الإمارات العربية المتحدة في جميع المجالات التنموية والاقتصادية. كما لم يقتصر دورها البالغ الأهمية على الوطن فقط، ولا على صعيد دول الخليج العربي الأخرى فحسب؛ بل امتد إلى الساحة العربية بأكملها وبشكل خاص النصرة الدائمة للقضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني، وامتدت أيضاً إلى كل قضايا التحرر الوطني العربية. وتناولت القضايا العادلة على الصعيد العالمي.

صحيفة «الخليج» صاحبة نهج شكّل طريقاً متميزاً في الصحافة العربية، وإلى حد ما العالمية، فصار يشار إليها بالبنان، واعتمدت الكثير من الصحف العالمية هذه الصحيفة كمصدر لها حين تكتب عن القضايا العربية. 

لقد غلبت «الخليج» الصالح العام على الخاص، واهتمت بالمسؤولية والمشاركة المجتمعية في القضايا والمشكلات التي اعترت كاهل المواطنين والمقيمين.

 تقدم «الخليج» نموذجاً جدياً للإعلام العربي منذ إنشائها عام 1970 على يد الشقيقين المرحومين تريم عمران تريم، والدكتور عبدالله عمران تريم. يتمثّل هدفها الدائم في الدفاع عن كل القضايا الوطنية وقضية الوحدة العربية، انطلاقاً من فكرة القومية العربية، ومناصرة الحق حيثما كان.

لقياس نجاح أية صحيفة، علينا التأكد من أن هذا القياس يتم من جانب القراء وليس من داخل الصحيفة نفسها، فكل مطبوعة قد تدّعى النجاح والانتشار عبر صفحاتها، وقد يكون هذا الادعاء مجافياً للواقع تماماً. للأسف، هذه ظاهرة أصبحت متفشية بين الصحف اليومية عصرنا. والغريب في الأمر أن كثيرين يربطون بين نسبة التوزيع والنجاح، وليس العكس. وهذا خطأ كبير، فكل صحيفة ناجحة ترتفع نسبة توزيعها، ولكن ليس كل صحيفة تحقق نسب توزيع عالية هي ناجحة. فهناك صحف فكرتها الأساسية قائمة على بث وتغذية سموم العنصرية بين فئات الشعب الواحد وبين الشعوب، ونشر الأفكار غير المسؤولة من دون أي وازع أخلاقي أو مهني؛ بل إنها تسهم في التفرقة العنصرية والدينية. فمثل هذه الصحف قد تحقق نسب توزيع عالية، ولكن هل هذا هو النجاح المنشود؟ وهل هذه هي الرسالة الصحفية؟ 

«الخليج» ملتزمة بالأخلاقيات المهنية في تناول القضايا، وتنبيه المخطئين إلى مكامن الأخطاء بكل أدب واحترام للآخر. إن دور الإعلام يتمثل في العمل على رقي المجتمع على جميع الصعد، ورفع درجة الوعى العام بين المواطنين، وتوصيل المعلومة بكل دقة للجمهور، وليس الانجراف خلف رغبات البعض.

منذ نشأتها سعت دار الخليج بدأب إلى ملاحقة أحدث التطورات التقنية، إلى جانب توفير الكوادر المهنية والفنية الماهرة التي نجلّها ونحترمها، لهذا تصدر «الخليج» بهذا الشكل الراقي الذي يزداد رقياً مع مضي السنوات، فالتحية للقائمين عليها، متمنين لها مزيداً من النجاحات وتحقيق مزيد من التقدم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو من الخبراء في الصراع الفلسطيني العربي-"الإسرائيلي". إضافة إلى أنه روائي وكاتب قصة قصيرة يمتلك 34 مؤلفاً مطبوعاً في السياسة والرواية والقصة القصيرة والشعر وأدب الرحلة. والمفارقة أنه طبيب يزاول مهنته إلى يومنا هذا

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"