صانعو فوز بايدن

23:54 مساء
قراءة دقيقتين

 

تضافرت في صنع فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن على غريمه الجمهوري دونالد ترامب عدة عوامل وقوى، ما كان لولاها، مجتمعة، سيحرز هذا الفوز.
بالمقارنة بين آخر رئيس ديمقراطي قبله باراك أوباما، الذي كان بايدن نائبه، فإن الأخير لا يتمتع بذات «الكاريزما» والحيوية اللتين عند الأول، وبالمقارنة بينه وبين منافسه ترامب بدا بايدن أقل حيوية وأبهت حضوراً في الحملات الانتخابية، وزاد من ذلك تقدّمه في العمر، لكن مثل هذه الأمور، مهما كانت مهمة، لا تحسم أمر فوز مرشح من المرشحين.
وفي حال بايدن بالذات، فإنه معروف كخطيب غير مفوّه، كثير الزلاّت التي تضعه في مآزق، وهو ما يعرفه فريق حملته، الذي اتبع تكتيكاً ذكياً بتقليل مرات مواجهته للجمهور، وركز الفريق، بالمقابل، على إتاحة الفرص لترامب ليكون في الصدارة لمعرفتهم بنزقه وتصريحاته المتهورة، التي عادت على حملته بالضرر.
محللون كثيرون يجمعون على أن جائحة «كورونا» كانت عاملاً حاسماً في صنع فوز بايدن. لقد يسرت له المعالجة غير المسؤولة لترامب للجائحة، واستخفافه بها، وازدراؤه للمعطيات العلمية والطبية وأهلها، فرصة ثمينة في توجيه النقد اللاذع لترامب، وهو نقد كان يجد الآذان الصاغية من شريحة واسعة من الناخبين، بمن فيهم بعض مناصري الجمهوريين، كما أن تداعيات الجائحة أضعفت مصداقية شعارات ترامب عن نمو اقتصادي تحقق في ولايته.
خلف بايدن اصطفت حملة انتخابية منظمة تنظيماً جيداً، لا تركز على شخصه فحسب، وإنما على توظيف أخطاء ترامب لصالحه، وما من مرشح ديمقراطي، أو حتى جمهوري ربما، اصطف حزبه حوله بكل قوة، رغم التناقضات داخل هذا الحزب، كبايدن، بما في ذلك الجناح الأكثر يسارية، الذي يعدّ بيرني ساندرز من أبرز وجوهه.
لم يخف ساندرز اختلافاته الجوهرية مع البرنامج الاجتماعي - الاقتصادي الذي يتبناه بايدن، لكنه قال عشيّة الانتخابات إن المهمة الأساسية هي هزيمة ترامب، وبعد ذلك سيخوض يسار الحزب معركة داخل الحزب نفسه لحمل بايدن على تبني سياسات اجتماعية أكثر جذرية، وهذا التوجه ساعد على حشد قطاعات واسعة من الشباب المتأثرين بأطروحات ساندرز في حملة بايدن، وكان لذلك أثره البالغ في فوزه.
على نقيض ساندرز سعى بايدن لطمأنة الجناح اليميني في الحزب وكسب وده، إن بحذره في الإعلان عن تبني برامج تثير حفيظة اليمين، وإن بحرصه على اختيار نائبة له هي أقرب في هواها لهذا الجناح، وساعده ذلك أيضاً في استقطاب شريحة من الناخبين كان يمكن أن تصوت للجمهوريين.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"