جيوش من «روبوتات»

00:34 صباحا
قراءة دقيقتين



 

ثلاثة جيوش، حتى الآن على الأقل، تستعين بعشرات الآلاف من الجنود الآلية «الروبوتات»، هي جيوش الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا، وربما تكون هناك دول أخرى تسير في الاتجاه نفسه، دون أن تعلن، وبالطبع يلزم أن تكون دولة الجيش المعني تتوفر على قدرات مالية كبيرة، وعلى تقنيات علمية متطورة، بالنظر للكلفة الباهظة التي يلزمها «إنتاج» هؤلاء الجنود «الروبوتات».
خبر نشرته الصحافة البريطانية، قبل أيام قليلة، سلطّ الضوء مجدداً على هذا التحوّل الخطيرفي أبعاده، لا على مستقبل الحروب فقط، وإنما على القيم والمعايير «الأخلاقية» التي تحكم هذه الحروب أيضاً.
هذه الصحافة نقلت عن قائد أركان الدفاع في بريطانيا قوله: إن جيش بلاده سيستعين بما يصل إلى 30 ألف «جندي آلي» للقتال جنباً إلى جنب مع جنوده البشريين في المستقبل القريب، وهذا «المستقبل القريب» لن يكون بعيداً، فهو لا يتخطى عام 2030، أي بعد عشرة أعوام فقط من اليوم، بل إنه قال إن مثل هؤلاء الجنود -الروبوتات- موجودون بالفعل في قوام الجيش البريطاني اليوم.
هذا لا يعني أنه سيجري الاستغناء عن الجنود البشر في قوام الجيوش، على الأقل ليس في المدى المنظور، حيث ستكون جيوش البلدان المقتدرة عبارة عن مزيج من البشر والروبوتات، لكن المؤكد أن هذه الأخيرة «سيكون لها دور في ساحات القتال كجزء من قوات مسلحة جديدة مختلفة تماماً»، كما نسبت الصحافة إلى هذا الرجل.
ويبدو أن جائحة «كورونا» تركت أثرها هنا أيضاً، كما فعلت في كل شيء، لأنها نبهت إلى الخطورة الكبيرة التي تتهدد الجيوش حين تكون في ساحات الحرب في أوقات تجتاح فيها أوبئة قاتلة مثل «كورونا»، حيث يتعذر في الحرب اتباع التعليمات الصارمة اللازمة لاتقاء خطر الأوبئة.
يجري حديث عن أن إدخال الجنود الآليين إلى الجيوش كمقاتلين بدلاً من البشر سيخفف الضغوط على الحكومات التي تنخرط في الحروب، جراء سقوط أعداد هائلة من الجنود بين قتلى وجرحى، ما يؤلب الرأي العام ضدها، وفي الذاكرة الدرس الذي لا ينسى عما خلفته حروب فيتنام من ردود فعل كبيرة داخل المجتمع الأمريكي، ومثلها كان لحربي أفغانستان والعراق تداعيات لم تختف بعد.
لا يمكن إغفال أن التحوّل إلى جيوش الروبوتات سيطلق أيادي الجيوش، خاصة إذا كانت غازية، فطالما اطمأنت إلى أن الروبوتات هي التي تقاتل وليس البشر، ما يعني التحكم في خسائرها البشرية هي، فإنها ستندفع بجنون في حروبها دون روادع أو ضوابط.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"