السودان واللاجئون

23:45 مساء
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

لم يكن ينقص السودان، الذي يعاني أزمات متعددة منذ سنوات، إلا تدفق سيول من اللاجئين الفارين من الحرب المستعرة في الجارة إثيوبيا، بين السلطة المركزية وإقليم تيجراي؛ حيث استقبلت المناطق المجاورة لمناطق الصراع الآلاف من اللاجئين، في ظل توقعات بأن يصل العدد إلى ما يقرب من 100 ألف خلال الفترة القليلة المقبلة، إذا ما استمر الوضع على هذا النحو من التوتر.

التقارير الواردة من مناطق الحدود الواقعة بين السودان وإثيوبيا، تشير إلى وجود أزمة إنسانية كبيرة تلوح في الأفق؛ حيث تظهر الصور الواردة من إقليم تيجراي، طوابير طويلة من البشر تقطعت بهم السبل، إضافة إلى رؤية شاحنات محملة بالإمدادات لمساعدة السكان الذين فروا من جحيم المواجهات المسلحة بين الجيش الإثيوبي وسلطات الإقليم.

بعيداً عن الحسابات السياسية، فإن الجانب الإنساني الناتج عن موجة النزوح من الإقليم، من شأنه أن يشكل عامل ضغط على الأوضاع داخل السودان نفسه، الذي لا يزال يعاني أزمات ليست هينة، وبالذات بعد إطاحة نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، فضلاً عن أزمة اقتصادية خانقة في بلد يعد بمثابة سلة الغذاء في الوطن العربي.

رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وفي إطار احتواء الأزمة من جراء تدفق اللاجئين إلى أراضي بلاده، أجرى اتصالات برئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في محاولة للتخفيف من آثار فرار اللاجئين إلى الأراضي السودانية في ظل الوضع القائم، خاصة مع انتشار وباء «كورونا» والوضع الاقتصادي الصعب في البلاد وتأثير ذلك على خطط الحكومة في معالجة القضايا الإنسانية داخل السودان نفسه، في ظل عدم خروج البلاد بشكل كامل من حالة الاحتراب الداخلي، على الرغم من توقيع الخرطوم والجماعات المسلحة اتفاق سلام يقضي بوضع حد للحرب القائمة في البلاد منذ عقود طويلة.

أدت العمليات العسكرية في إقليم تيجراي الإثيوبي إلى هروب الآلاف من السكان إلى الولايات السودانية المجاورة، خاصة الغضارف وكسلا؛ حيث وصلت فعلياً مجموعات من اللاجئين إلى الحدود، بعد أن قررت السلطات فيها إغلاق حدودها مع إثيوبيا في خطوة لمنع دخول اللاجئين بشكل كبير، يصعب معه السيطرة عليهم لاحقاً.

وعلى الرغم من أن عملية الاستقبال والإيواء والإعاشة للاجئين الجدد، مسؤولية مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن تواجدهم وضمان عدم تسربهم إلى الأراضي السودانية يشكل هاجساً للمسؤولين في الخرطوم، الذين يرغبون في إعادة ترتيب أولويات بلادهم وفق التطورات الأخيرة، خاصة أن البلد يخطو خطواته الأولى في اتجاه خلق واقع جديد، بعد رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إثر التسويات التي تمت مع الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة الأخيرة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"