عادي

الاستثمار العالمي دخل مرحلة انتعاش بفضل الحوافز النقدية

22:25 مساء
قراءة 4 دقائق
بنك «جوليوس باير»
بنك «جوليوس باير»

حوار: عبير أبو شمالة

قال كريستيان غاتيكر، رئيس الأبحاث لدى بنك «جوليوس باير»، إن نظام الاستثمار العالمي دخل مرحلة انتعاش متزامن تساعده الحوافز النقدية والمالية الكبيرة. وتوقع استمرار حركة التعافي الاقتصادي لتعوض معظم الاقتصادات المتقدمة نحو نصف العجز الذي كبدتها إياه الجائحة خلال النصف الثاني من العام الجاري.

وأضاف في حوار مع «الخليج» مرجحاً أن يستمر تعزيز الابتكار والتغيير في السياسات الاقتصادية استجابة للأزمة إلى ما بعد الأشهر الستة المقبلة. وأوضح: «إننا قد ننظر بعد عشر سنوات من الآن إلى الوراء ونقول إن الآثار الإيجابية اللاحقة لهذا الوباء تمثلت في موجة كبيرة من الابتكار وباقتصاد عالمي مزدهر». وفي ما يلي نص الحوار:

الصورة
كريستيان غاتيكر رئيس الأبحاث لدى بنك «جوليوس باير»
  • كيف تصف سيناريو الاستثمار الحالي في عالم لا يزال يواجه التحديات التي يطرحها الوباء؟

- نظام الاستثمار الحالي دخل مرحلة انتعاش متزامن عالمياً تساعده الحوافز النقدية والمالية الكبيرة. لقد دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة ركود متزامنة تشبه الصدمة في النصف الأول من عام 2020 وهو يتعافى الآن بسرعات مختلفة. ويتمثل الاختلاف الرئيسي في سرعة الانتعاش بمقدار التحفيز المالي والنقدي المتاح. لقد شهدت الولايات المتحدة والصين واليابان انخفاضاً بنسبة 10% في الناتج الاقتصادي، بينما سجلت أوروبا انخفاضاً بنسبة 15% والمملكة المتحدة 20%. وتعرضت الأسواق الناشئة لضربة قاسية من الوباء، لكن بدرجات متفاوتة، ولا تزال أمريكا اللاتينية في حالة ركود. نتوقع أن تقوم معظم الاقتصادات الناضجة بتعويض نحو نصف العجز خلال النصف الثاني، وبوتيرة أبطأ بكثير بعد ذلك. لكن الصين تشكل حالة استثنائية؛ حيث عاد ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى مستويات ما قبل الأزمة من حيث الناتج الاقتصادي.

  • هل أثر فيروس كورونا المستجد في نظرة العملاء إلى محفظتهم الاستثمارية؟

- كان البحث عن الجودة الخطوة الرئيسية التي قام بها مستثمرو القطاع الخاص في جميع أنحاء العالم كرد على الانهيار الاقتصادي في النصف الأول. فقد كان التركيز الرئيسي على أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة الأمريكية والسندات الألمانية، إضافة إلى الدولار الأمريكي واليورو والفرنك السويسري. ارتفعت نسبة السيولة بشكل ملحوظ. وفي ما يتعلق بالشركات، كانت الأسهم والسندات المفضلة تلك التي تعود للشركات الأقل حساسية من الناحية الدورية مثل قطاعي الرعاية الصحية والغذاء. هذا وبرز إحجام معين عن القطاعات الصامدة خلال الأزمة في الاقتصاد الجديد مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، في حين اكتسبت التكنولوجيا الحيوية والمصدرين الآخرين المرتبطين بالرعاية الصحية مزيداً من الاهتمام.

  • هل ترى أي تأثير كبير في السلوك الاستثماري نتيجة لذلك؟

- يقع معظم المستثمرين في فخ نفسي لأنهم يشعرون بأن التعافي في الأسواق المالية اعتباراً من مارس 2020 فاتهم أو لأنهم باعوا أسهمهم في فترة الانكماش. الآن وبعد أن حققت العديد من الأصول المالية عودة ملحوظة، يعتقدون بأن الوقت قد فات للشراء وربما من السابق لأوانه البيع. لذا فإن التردد لا يزال سيد الموقف، وهذا عادة ما يكون له تأثير سلبي على سلوك المستثمرين بحيث يلحقون أضراراً بأنفسهم بمحافظهم الاستثمارية. لا يزال عدم اليقين قائماً، لاسيما عندما يتعلق الأمر بالأسهم الحساسة من الناحية الدورية أو الحساسة لسعر الفائدة، مثل البنوك. ما زال المستثمرون من القطاع الخاص يراوحون مكانهم بشكل عام بدلاً من أن يكونوا في وضعية «القتال» أو «الهروب».

  • ما هي التوجهات الرئيسية التي ظهرت نتيجة تغيرات السوق بسبب فيروس كورونا المستجد؟

- نلاحظ تسارع التوجهات الحالية طويلة الأجل بشكل عام، مثل الرقمنة على جميع المستويات بدءاً من استهلاك التجزئة وصولاً إلى الرعاية الصحية. من حيث الاستثمار، يشهد التوجه نحو الاستثمار في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة مزيداً من الرواج. لقد أدرك مستثمرون كثر مدى ضعف العديد من نماذج الأعمال ويقدرون فوائد الحكم الرشيد والسلوك السليم بيئياً واجتماعياً من الوكلاء الاقتصاديين. علاوة على ذلك، ما زال التوجه نحو الإنفاق الحكومي الأكثر نشاطاً قائماً. لقد حدث التحول الأكبر في أوروبا؛ حيث تم الإعلان عن السندات المضمونة بشكل متبادل على مستوى الاتحاد الأوروبي. من وجهة نظرنا، يعد التوجه نحو الإنفاق المالي الكبير على مستوى العالم إحدى أكبر الظواهر الناتجة عن هذه الأزمة الصحية.

  • هل من قطاعات معينة تم دفعها إلى الواجهة في ظل الظروف الحالية؟

- نظراً لكون هذه الأزمة أزمة صحية، برز قطاع الرعاية الصحية على الفور كقطاع محوري للاستجابة للأزمة. فالسباق الحاصل للتوصل إلى لقاح هو واحد من أشرس السباقات في تاريخ البشرية. لم يسبق أن شهدنا هذا الكم من الأموال التي يتم إنفاقها والسرعة التي يتم بها الابتكار. في الوقت ذاته، استخدم التقدم الذي تم إحرازه مؤخراً على مستوى التحليل الطبي والعلاج بشكل فعال جداً، وهذا يعمل في صالح شركات التكنولوجيا الحيوية بالتحديد. إلى جانب الرعاية الصحية، يبرز قطاع التكنولوجيا أيضاً. يمكن لشركات الاقتصاد الجديد أن تغطي على المؤسسات التقليدية القائمة من خلال إثبات تفوقها في أوقات الإغلاق، وأبرز مثال على ذلك البيع عبر الإنترنت وخدمات البث وألعاب الفيديو.

  • ما هو الأثر المستقبلي الذي تراه لتطورات الأشهر الستة الماضية من منظور عالمي؟

- المرجح أن يستمر تعزيز الابتكار والتغيير في السياسات الاقتصادية استجابة للأزمة إلى ما بعد الأشهر الستة المقبلة. قد ننظر بعد عشر سنوات من الآن إلى الوراء ونقول إن الآثار الإيجابية اللاحقة لهذا الوباء تمثلت في موجة كبيرة من الابتكار وباقتصاد عالمي مزدهر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"