بايدن بحاجة إلى انتقال سلس

22:15 مساء
قراءة 3 دقائق
الاحتفال بفوز جو بايدن في التايم سكوير
الاحتفال بفوز جو بايدن في التايم سكوير

يستعد الرئيس المنتخب جو بايدن لقيادة الولايات المتحدة في وقت قلق ومضطرب للغاية، يواجه فيه الأمريكيون مجموعة من التحديات كارتفاع معدلات الإصابة بفيروس كورونا وتباطؤ النمو الاقتصادي، إضافة إلى تفاقم عدم المساواة والانقسامات السياسية والاجتماعية العميقة. ستكون إدارة بايدن تحت الضغط من اليوم الأول، وفي حال تم توفير انتقال سلس للسلطة، ستتاح أمامها فرصة أفضل لانطلاقة أقوى.

على بايدن وفريقه أن يكونوا قادرين على اتخاذ إجراءات سريعة، ومن المفيد جداً أن يمتلكوا معرفة واسعة وأكبر قدر ممكن من المعلومات.

أوضح الرئيس المنتخب في خطاب النصر الذي ألقاه أنه لن يضيع الوقت في الاستعداد للذهاب للبيت الأبيض، خاصة عندما يتعلق الأمر باحتواء الوباء. عين بايدن فريق عمل لوضع سياسات للتعامل مع «كوفيد- 19» يمكن أن تبدأ بمجرد أداء اليمين في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.

بايدن محق في جعل الوباء أولويته الأولى؛ إذ تجاوزت حالات الإصابة بالفيروس التاجي المئة ألف حالة يومياً، مما يشير إلى أن الولايات المتحدة تتبع نفس المسار الذي أجبر معظم دول أوروبا على إعادة فرض أشكال مختلفة من عمليات الإغلاق في مواجهة أنظمة الرعاية الصحية المتوترة بشكل متزايد. ولكن هذا ليس سوى واحد من العديد من التحديات التي يجب على بايدن التعامل معها بسرعة.

حتى قبل فرض أي قيود جديدة لمواجهة «كوفيد- 19»، استمرت مؤشرات البيانات الاقتصادية الأمريكية في التباطؤ. كما أن ثلاثية عدم المساواة «الدخل والثروة والفرص» تزداد فجوتها سوءاً، مما يزيد من التوترات الاجتماعية وتآكل إمكانات النمو والازدهار على المدى الطويل في البلاد. ولم تفعل انتخابات الكونجرس سوى القليل للتغلب على الانقسامات السياسية العميقة التي تفاقمت بسبب الخلافات الأخيرة حول ترشيح وإقرار قاض جديد في المحكمة العليا.

بعد أن وحد الحزب الديمقراطي، يتعين الآن على الرئيس المنتخب جو بايدن إيجاد طريقة للتعامل مع الكونجرس المنقسم والجمع بين الشعب الأمريكي ككل.

يتمحور التحدي الذي يواجهه بايدن في الكونجرس حول إمكانية الحصول على دعم كافٍ وسريع من المشرعين لتمرير حزمة مالية تفوق بأهميتها الهدف المهم والمتمثل في إغاثة البلاد من وباء كورونا. وتوجيه هذه الحزمة نحو تحسين قدرة الدولة على التعايش مع الفيروس بطريقة صحية وأقل تخريباً اقتصادياً، ومواجهة الضغط الحاصل على الإنتاجية طويلة الأجل، إضافة لأمن الأسرة الاقتصادي. يحتاج بايدن أيضاً إلى قاعدة جماهيرية كبيرة تقف خلفه في المعركة ضد «كوفيد- 19»، أو المخاطرة بخسارة المزيد من الأرواح، وتعطيل أكبر لسبل العيش، وضرر اقتصادي ومؤسسي واجتماعي طويل المدى.

تشير التجارب في آخر فترتين انتقاليتين إلى وجود فرص وتحديات كبيرة. لذلك، فإن قدرة بايدن على القيام بهذه الأشياء جزئياً تعتمد على مدى سلاسة انتقال السلطة في الأسابيع القليلة المقبلة.

في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2008، استفاد الرئيس المنتخب باراك أوباما من تعاون إدارة بوش عندما كان يستعد لتولي زمام الأمور في خضم الأزمة المالية العالمية. فبدون الإحاطات المكثفة التي تم عقدها مع موظفي البيت الأبيض آنذاك، كان من الصعب جداً على فريق أوباما التحضير لسلسلة الإجراءات المحلية والتفاعلات الدولية التي أثبتت أنها ضرورية لتجنب كساد اقتصادي مدمر محتمل. كما سمح هذا التعاون لإدارة أوباما بالاحتفاظ ببعض مسؤولي بوش لبضعة أشهر على الأقل للاستفادة من خبراتهم.

كانت التجربة بعد ثماني سنوات أقل تشجيعاً. حين ألقت كل من إدارة أوباما وإدارة ترامب باللوم على بعضهما البعض في الفوضى التي حصلت، ولم يكن تفاعلهما يفضي إلى انتقال سلس للسلطة، ولم تكن هناك رغبة أيضاً بالاحتفاظ بالمسؤولين القدامى ولو لفترة قصيرة. لحسن الحظ، كان الخطر قليلاً في ذلك الوقت؛ حيث كان الاقتصاد في حالة تحسن والوباء مجرد حدث افتراضي.

اليوم، يتوقع الكثيرون أن تكون الفترة الانتقالية الرئاسية الحالية تكراراً لعام 2016 بدلاً من عام 2008. وسيكون ذلك إن حصل أمراً مؤسفاً لأمريكا، مع وجود عواقب كبيرة محتملة من حيث الأرواح وسبل العيش يمكن تجنبها.

محمد العريان - كبير الاستشاريين في «أليانز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبير اقتصادي وكبير المستشارين الاقتصاديين لشركة أليانز Allianz

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"