عودة عبدالواحد نور

23:04 مساء
قراءة دقيقتين

فيصل عابدون

أطلقت الوساطة في جنوب السودان تأكيدات حول اعتزام الزعيم الدارفوري عبد الواحد محمد نور مغادرة منفاه الأوروبي، والانضمام إلى محادثات المسارات الجارية مع الحكومة السودانية في مدينة جوبا، وبرعاية ووساطة حكومتها.

وعبد الواحد نور زعيم حركة تحرير السودان المتمردة، يمثل الضلع الثالث في مثلث الحركات الدارفورية المسلحة التي تخوض القتال في الإقليم. وقد راهن قادة الحركتين الأخريين- أركو مناوي وجبريل ابراهيم- على مستقبل التسوية مع الحكومة الانتقالية، ووقعا اتفاقاً لوقف الحرب ضم أيضاً قادة الجناح المنشق من الحركة الشعبية لتحرير السودان – مالك عقار وياسر عرمان.. وتنشط هذه الحركة في مناطق جنوب النيل الأزرق المتاخمة للحدود مع إثيوبيا ودولة جنوب السودان.

ومن بين قادة الحركات الدارفورية الثلاث، يبقى عبد الواحد الأشد عناداً وتصلباً في مواقفه إزاء عروض الحوار السلمي والمفاوضات والأكثر إثارة للجدل.

فهو لا ينضوي تحت أي تحالف من تحالفات الجماعات المسلحة، ولا يقيم أي علاقات رسمية مع الأحزاب والتيارات السياسية، ولا تربطه بها اتفاقات أو معاهدات، فهو يمثل جزيرة معزولة وسط محيط الأنشطة السياسية والأمنية المتماوجة في السودان.

وعلى الرغم من أن الرجل يستمد نفوذه وتأثيره من واقع تمثيله لأبناء قبيلة الفور فإنه يصر على القول إنه زعيم قومي يمثل تطلعات كل السودانيين متمثلاً قي ذلك سيرة زعيم التمرد الجنوبي الراحل العقيد جون قرنق الذي انتهى تمرده إلى انفصال الجنوب السوداني بأقاليمه الثلاثة.

ويقول مراقبون: إن امتناع عبد الواحد ورفضه المتكرر وحذره في الانخراط والمشاركة بجولات الحوار السلمي؛ يعود في الأساس لافتقاره إلى استراتيجية تفاوضية؛ وضبابية رؤيته لإمكانات الحلول الممكنة علاوة على شكوكه المزمنة في فرق الحكومة والوسطاء.

ويضيف هؤلاء: إن السر وراء موافقته أخيراً الجلوس إلى الطاولة ربما تكمن خلفه من جانب، الغيرة من المكاسب التي خرج بها الزعيمان الآخران، مناوي وجبريل، في مفاوضاتهما باسم الإقليم، ومن الجانب الآخر خطوات التطبيع التي أنجزتها الحكومة الانتقالية مؤخراً، والتي سحبت البساط من تحت قدميه بعدما كان يعد أن صلاته غير المسبوقة مع إسرائيل تعد امتيازاً خاصاً به وحده. والتطوران بزعم المراقبين يقودان في نهاية الأمر لتهميش الزعيم الدارفوري، وتحجيم دوره في مستقبل العمل السياسي والأمني في السودان.

وعلى الرغم من كل ذلك فإنه يجدر القول إن عبد الواحد نور عنصر مهم ولا غنى عنه في صناعة السلام في دارفور وأنه من دون ضمان مشاركته في اتفاقات التسوية لا يمكن الحديث عن انتهاء الحرب وعودة السلام للإقليم.

وهذه الحقيقة الماثلة تفسر الجهود الحثيثة التي ما انفكت الوساطة الجنوب سودانية إلى جانب المسهلين الدوليين وقادة الحكومة الانتقالية برئاسة الدكتور عبدالله حمدوك، يبذلونها بلا كلل من أجل تليين موقفه، وإقناعه بالنزول من الشجرة والجلوس إلى طاولة التفاوض.

وفي هذا الخصوص فإن استجابة عبد الواحد لنداءات جوبا تعد خطوة مهمة في اتجاه اكتمال عناصر المثلث الدارفوري المسلح إلى معسكر السلام وإبعاد شبح الحرب وويلاتها، فالاشتباكات التفاوضية لا تزهق فيها الأرواح أو تهدر فيها الموارد وهي واعدة بنزع ألغام العداء والكراهية وتحقيق العدل والمساواة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"