كبح إدراج «آنت» وتأكيد دور الرقابة الحكومية في الصين

22:24 مساء
قراءة 3 دقائق
مجموعة آنت المالية
النملة بعين واحدة شعار مجموعة آنت المالية

عملية الاكتتاب العام الأولي لأسهم شركة «آنت» إحدى شركات مجموعة علي بابا الصينية، والتي تم تعليقها، أكثر بكثير من مجرد عملية تمويل ناجحة. فالإدراج في هونج كونج وشنغهاي سيظهر للعالم أن الشركات الصينية ليست بحاجة للذهاب إلى نيويورك للوصول إلى رأس المال، وأن المنطقة الإدارية الخاصة في هونج كونج ظلت قوة لا يستهان بها في التمويل الدولي؛ وأن الصين يمكن أن تنتج شركات عملاقة أتقنت تقنيات القرن الحادي والعشرين.

في ظل كل تلك المعطيات، تحركت الحكومة الصينية لتعطيل الاكتتاب العام قبل يومين فقط من موعده. ولاحقاً، نشرت هيئة الرقابة المالية مسودة القواعد التنظيمية الجديدة التي غيرت البيئة التنظيمية بشكل كبير. القرار في الواقع تأكيد لسلطة الحكومة وتذكير لرجال الأعمال الصينيين بأن حكومتهم وليس رواد الأعمال هم صناع القرار.

وفقاً لجميع الحسابات تقريباً، تم إصدار مسودة اللوائح رداً على خطاب ألقاه جاك ما، مؤسس شركة علي بابا في أواخر أكتوبر، والذي اتهم فيه الجهات الفاعلة الرئيسية في النظام المالي الصيني بإهمال الفقراء والمحتاجين، وانتقد البنوك الصينية، ومعظمها مملوكة للدولة، واتهم الحكومة باعتماد أساليب وصفها بالبالية في إدارة المستقبل. 

وقد سعت «آنت» لتوفير أنماط جديدة من العلاقات بين المقترضين والجهات الراغبة في توفير التمويل ومشاركة البنوك الصغيرة في العملية. ويرمز اسم «آنت» (النملة)، إلى دعم رجال الأعمال المبتدئين خارج دائرة الضوء في قطاع تهيمن عليه البنوك الحكومية باعتبارها شركة خدمات مالية تعتمد التقنيات في أنشطتها.

وأياً كانت درجة تعاطف هيئات التنظيم مع جاك ما فإن خطابه في أكتوبر اعتبر «لكمة في وجهها». وتطلب اللوائح الجديدة من منصات الإقراض الصغيرة عبر الإنترنت توفير 30% من تمويل «القروض المشتركة» وهو مصطلح غامض يطال القروض التي يتم تقديمها من خلال منصات التمويل الشبكية. وتبلغ قيمة القروض التي توفرها «آنت» حالياً 2% من القروض الاستهلاكية البالغة 256.9 مليار دولار، ويبدو أن 28% المطلوبة طبقا للمتطلبات الجديدة ستحد من أنشطتها بشدة.

قد تبدو الحكومة الصينية محقة في القلق بشأن استقرار نظامها المالي. فالنفوذ الذي تتمتع به منصات منها «آنت» صار مثار قلق. ولا يقتصر الأمر عليها بل إن التقديرات تشير إلى أن  13% من تلك المنصات يمكن تصنيفها «عالية المخاطر». وهذا أقصر طريق لتفاقم أزمة مالية. ولذلك حرصت الحكومة منذ 2017 على تكثيف ترتيبات ضبط القطاع.

وتجد الفكرة القائلة بأن اللوائح الجديدة كانت بمثابة تذكير بأن السلطة الحكومية ينبغي احترامها، تجد ما يبررها في تطورات أخرى. ففي سبتمبر، دعا المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إلى بذل جهود «لتوجيه» الشركات الخاصة من أجل «تحسين هيكل حوكمة الشركات».

 وفي نوفمبر، دعت اللجنة المركزية للإصلاحات الشاملة، والتي يرأسها الرئيس شي جين بينج، إلى أن تكون الشركات المملوكة للدولة «أقوى وأفضل وأكبر» حتى تتمكن من لعب دور أكثر فعالية في الاقتصاد الوطني. وأصدرت إدارة الدولة لتنظيم السوق مؤخراً مبادئ توجيهية تحدد لأول مرة ممارسات المنافسة بين شركات الإنترنت، وتضع قيوداً فعالة على ما أصبح سوقاً للعمالقة فقط. 

ولا تزال «آنت» قادرة على الإدراج لكن ذلك يتطلب أولاً امتثالها للوائح الجديدة، وهو ما قد يستغرق عاماً أو أكثر. وهذا وقت كاف لجاك ما وغيره من رواد الأعمال الصينيين لإعادة النظر في حدود وآفاق خططهم المستقبلية.

  •  افتتاحية «جابان تايمز»
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"