أمريكا.. قلق مشروع

23:22 مساء
قراءة دقيقتين

صادق ناشر

هل يخشى الأمريكيون على ديمقراطيتهم؟.

سؤال من المبكر الإجابة عنه، لكنه صار مطروحاً بقوة، خاصة في ظل المشهد الذي يسود البلاد بعد انتخابات تعد الأكثر تعقيداً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها من المرات القليلة التي ظهرت فيها الانقسامات جلية بين الشعب ونخبه السياسية، وزادتها حدة حالة الرفض التي يبديها الرئيس دونالد ترامب لنتائج الانتخابات التي فاز بها مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن، لأنه لا يزال يعتبر نفسه الفائز فيها.

قد يبدأ الأمريكيون التفكير جدياً بتداعيات ما أحدثته الانتخابات الأخيرة من حالة انقسام في الشارع بين مؤيد للرئيس الذي لا يزال متمسكاً برأيه بكون الانتخابات مزورة، وبين أنصار الحزب الديمقراطي الذين يحتفلون بوصول مرشحهم إلى البيت الأبيض، لأن هذه المرة الأولى التي يشكك فيها رئيس بالنظام الانتخابي في البلاد، وذلك يعني هدماً للقيم والتقاليد الديمقراطية التي اعتاد الأمريكيون على التعايش معها طوال 230 سنة، عندما وضع الدستور الحالي.

أولى الإشارات جاءت من الرئيس السابق باراك أوباما، الذي أكد في مقابلة مطولة له مؤخراً «مخاوفه على الديمقراطية» في ظل هذا الاختلاف العميق حول نتائج الانتخابات، فهو يرى أنها «أظهرت كم أن الأمة منقسمة»، ويشير إلى أنه «من الصعب جداً على ديمقراطيتنا أن تعمل بكفاءة وسط كل هذا الاختلاف على الحقائق».

ولم يختلف في التقييم كذلك بيرني ساندرز، الذي أخفق في الترشح باسم الحزب الديمقراطي أمام جو بايدن، عندما أعرب عن خشيته من طبيعة التعاطي مع نتائج الانتخابات من قبل الرئيس ترامب، حتى قبل أن تبدأ النتائج بالظهور، فقد كان يدرك أن التلميحات التي أدلى بها بشأن التزوير في الانتخابات عبر التصويت بالبريد، مقدمة لما تعيشه البلاد اليوم.

لا أحد يعلم كيف ستنتهي تفاصيل المشهد الذي تعيشه الولايات المتحدة حتى الوصول إلى يوم 20 من يناير/ كانون الثاني المقبل، التاريخ المقرر أن يسلم فيه ترامب السلطة إلى خلفه المنتخب جو بايدن، لكن من المؤكد أن أمريكا بعد ترامب لن تكون كما قبله، فقد كانت الديمقراطية تبدو الأكثر عراقة ومصداقية، لكن «التمرد» الذي أقدم عليه الرئيس على الديمقراطية، وهو أعلى سلطة في البلاد، عبر التشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، سيصيب الديمقراطية في مقتل، إذ إنه لم يتجرأ أي رئيس سابق بالتلاعب بقواعد اللعبة الديمقراطية في البلاد، مع أن بعض الجولات الانتخابية شهدت صراعاً محموماً حتى اللحظات الأخيرة، كما حدث في انتخابات 2000 بين الرئيس الأسبق جورج بوش الابن والمرشح الديمقراطي آل جور، عندما أعلن الأخير أنه رغم عدم اقتناعه بالحكم القضائي الذي جاء لصالح خصمه، إلا أنه آثر البلد ومصلحتها ووحدتها على نفسه وحزبه وقدم تنازله الشهير، رغم أنه كان متقدماً في عدد الأصوات التي حصل عليها شعبياً.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"