إنهاء حروب أم خداع؟

00:02 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

«جميع الحروب يجب أن تنتهي.. حان وقت العودة إلى الوطن».. بهذه الكلمات استهل وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة كريستوفر ميلر منصبه الجديد في «البنتاجون»، وهي كلمات من المؤكد أن صداها يتردد في أذن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، الذي تعهد منذ بداية ولايته في عام 2016 بإنهاء حروب أمريكا الخارجية، وسحب القوات الأمريكية من مناطق النزاع، وإعادتها إلى الوطن.

في أول رسالة له إلى القوات المسلحة الأمريكية، والتي جاءت إثر تسلمه منصبه مباشرة بعد إقالة وزير الدفاع السابق مارك أسبر، وترافقت مع حملة تطهير واسعة في «البنتاجون»؛ أكد ميلر عزمه على تسريع انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق والشرق الأوسط عموماً، وقال: إن «كثيرين تعبوا من الحرب، وأنا واحد منهم؛ لأنها المرحلة الحاسمة التي نحول فيها جهودنا من دور قيادي إلى دور داعم» في مكافحة الإرهاب.

اللافت في الأمر، أن رسالة ميلر هذه ترافقت أيضاً مع تحركات أمريكية على الأرض؛ إذ أكدت مصادر سورية رسمية أن القوات الأمريكية أخرجت من شمال شرقي البلاد رتلاً من 50 عربة مدرعة ودبابة عبر معبر اليعربية/ الوليد باتجاه الأراضي العراقية؛ لكن مصادر مقربة من «قوات سوريا الديمقراطية» أكدت أن ما حصل هو عمليات تبديل مناوبات اعتيادية تجرى عادة كل ستة أشهر مرة على الأقل، مستبعدة أن يكون ذلك بداية لانسحاب أمريكي من المنطقة. وأوضحت: إن رتلاً أمريكياً آخر دخل من شمال العراق باتجاه الأراضي السورية عبر معبر سيمالكا، يحمل معدات لوجستية إلى المنطقة. أما بالنسبة للعراق وأفغانستان، فقد سارع زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ اميتش ماكونيل عبر خطاب في «الكونجرس» إلى التحذير من أن خطة ترامب، وهو حليفه الوثيق، لتسريع الانسحاب من هناك ستعطي صورة بأنه رمز لإذلال وهزيمة الأمريكيين وانتصار لتنظيمي «داعش» و«القاعدة». وكان مسؤولون في إدارة ترامب أكدوا أنه مصمّم على إعادة جميع القوات الأمريكية من أفغانستان، أو على الأقلّ أكبر عدد ممكن قبل مغادرته منصبه، إلى جانب تخفيض عديد هذه القوات في العراق.

وبالمحصلة، لم تحصل حتى الآن أي انسحابات من أي مكان على الأرض، وربما تكون تجربة الانسحاب من سوريا، مؤشراً على قدرة القيادات العسكرية على التلاعب وتضليل القيادة السياسية، كما اعترف بذلك مبعوث الإدارة الأمريكية الخاص لسوريا، جيمس جيفري، قبل مغادرة نصبه؛ حين كشف أن فريقه أخفى المستوى الحقيقي للوجود الأمريكي العسكري في سوريا عن البيت الأبيض؛ لكن ثمة من يعتقد أن سيطرة ترامب على «البنتاجون» تهدف إلى الدفع لولادة سياسية خارجية جديدة عبر الانسحاب من النزاعات الخارجية، أو خلق أمر واقع جديد يضع الإدارة المقبلة في مسار لا رجوع عنه نحو الانسحاب الكامل، وبالتالي فإن أي إعادة انتشار جديدة للقوات الأمريكية لن تؤدي فقط إلى إحراج الإدارة الجديدة والحزب الديمقراطي، وإنما ستؤسس لفكرة أنه هو عرّاب «الحروب الأبدية» وأن بإمكان ترامب أن يدعي أنه أول رئيس سعى لتجنبها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"